نام کتاب : شرح لامية العجم نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 58
رجعنا إلى كلام الطغرائي، اعلم أنه قد جُبلت النفوس الأبية على تحقيق الظنون بها، وتصديق الأمل فيها، والرجاء فيما يُطلب منها من نصرة وإعانة وإزالة ضرورة، وسدّ خلة، وغير ذلك، والنفوس اللئيمة بخلاف ذلك، تكذِّب الظنون فيها، وحسن الظن بالله أمر واجب، قال عليه السلام: لا يموتن أحدكم إلاّ وهو يحسن الظن بالله، وروي عن أحد أهل البيت أنه لمَّا حضرته الوفاة قال: يا بني اقرأ عليّ الرخص لأموت وأنا أُحسن الظن بالله تعالى، وقال علي كرم الله وجهه: حسن الظن بالله أن لا ترجو إلاّ الله، ولا تخاف إلاّ ذنبك، وأنشد الشهاب محمود لنفسه: (مجزوء الرمل)
قيل ما أعددت للحتـ ... ـف فقد جئت محله (1)
قلت أعددت من التو ... حيد حسن الظن بالله
وقال ابن سيد الناس: (من البسيط)
/ فقري لمعروفك المعروفِ يغنيني ... يا مَن أرجّيه والتقصيرُ يرجيني [33 ب]
إن أوبَقَتْني الخطايا عن مدى شرفٍ ... نجا بإدراكه الناجون من دوني
أو غضّ من أملي ما ساءَ من عملي ... فإنّ لي حسنَ ظن فيك يكفيني (2)
ويتعين على ذوي المروءات احتمال الأذى والضرر في تصديق أمل الآمل، وتحقيق رجائه، وإيصاله إلى مآربه، وتبليغه مقاصده، فإنه: (من البسيط)
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ ... الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ (3)
ومن الكلم النوابغ: محك المودة والإخاء، حال الشدة لا الرخاء، ولهذا قال الشاعر ([4]):
(من الكامل)
دعوى الاخاء على الرخاء كثيرةً ... بل في الشدائد تعرف الأخوانُ
قيل إنّ يوسف الصديق عليه السلام لمَّا خرج من السجن كتب على بابه: هذا قبر الأحياء، وشماتة الأعداء، وتجربة الأصدقاء.
على أنّ الإنسان يتعين عليه التفرس أولاً، والتكهن [5] ليختار لحاجته مَن ينهض بحملها، ويقوم بكلّها؛ حتى تنزل من جانبه بالرحب، ويتلقّاها بالبشر، ويكون بها كفيلا، قال أبو الطيب [6]: (من الطويل)
(1) البيتان في الغيث المسجم 1/ 328
(2) الأبيات في الغيث المسجم 1/ 328
(3) للمتنبي، ديوانه 2/ 254 [4] لأبزون العماني، ديوانه / (م). أبزون العماني ? - 430 هـ / ? - 1038 م
أبزون بن مهمرد الكراني، أبو علي الكافي العماني. شاعر عماني، اختلف كثيراً في اسمه واسم أبيه، عاش في جبل من جبال عمان، ويقول حاجي خليفة أنه كان يعيش في نزوى. ومن خلال شعره نرى أنه كان يتردد على العراق أحياناً، وفي شعره أيضاً إشارة إلى أيام له أمضاها بجرجرايا، وهي بلدة من أعمال النهروان الأسفل بين واسط وبغداد. [5] كتبت التمسكن، وما أثبتناه من الغيث المسجم 1/ 330 [6] ديوانه 2/ 223
نام کتاب : شرح لامية العجم نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 58