responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 69
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ, زَوَّجَهَا إيَّاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ; وَقَدْ حَوَى هَذَا الْخَبَرُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: جَوَازُ تَزْوِيجِ الْأَبِ الصَّغِيرَةَ, وَالْآخَرُ أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَيِّرْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} , فَإِنَّ مُجَاهِدًا قَالَ: "مَعْنَاهُ انْكِحُوا نِكَاحًا طَيِّبًا". وَعَنْ عَائِشَةَ وَالْحَسَنِ وَأَبِي مَالِكٍ: "مَا أَحَلَّ لَكُمْ". وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا طَابَ} الْمَصْدَرَ, كَأَنَّهُ قَالَ: فَانْكِحُوا مِنْ النِّسَاءِ الطَّيِّبَ, أَيْ الْحَلَالَ, قَالَ: وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَقُولَ "مَا" وَلَمْ يَقُلْ "مَنْ".
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} فَإِنَّهُ إبَاحَةٌ لِلثِّنْتَيْنِ إنْ شَاءَ وَلِلثَّلَاثِ إنْ شَاءَ وَلِلرُّبَاعِ إنْ شَاءَ, عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَجْمَعَ فِي هَذِهِ الْأَعْدَادِ مَنْ شَاءَ; قَالَ: فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَعْدِلَ اقْتَصَرَ مِنْ الْأَرْبَعِ عَلَى الثَّلَاثِ, فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَعْدِلَ اقْتَصَرَ مِنْ الثَّلَاثِ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ, فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاحِدَةِ. وَقِيلَ: إنَّ" الْوَاوَ" هَهُنَا بِمَعْنَى" أَوْ" كَأَنَّهُ قَالَ: مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ. وَقِيلَ أَيْضًا فِيهِ: إنَّ" الْوَاوَ" عَلَى حَقِيقَتِهَا وَلَكِنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ, كَأَنَّهُ قَالَ: وَثُلَاثَ بَدَلًا مِنْ مَثْنَى, وَرُبَاعَ بَدَلًا مِنْ ثُلَاثَ, لَا عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَعْدَادِ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: إنَّهُ لَوْ قِيلَ: إنَّ" أَوْ" لَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ الثُّلَاثُ لِصَاحِبِ الْمَثْنَى وَلَا الرُّبَاعُ لِصَاحِبِ الثُّلَاثِ, فَأَفَادَ ذِكْرُ" الْوَاوِ" إبَاحَةَ الْأَرْبَعِ لِكُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْخِطَابِ, وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَثْنَى دَاخِلٌ فِي الثُّلَاثِ وَالثُّلَاثَ فِي الرُّبَاعِ; إذْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَعْدَادِ مُرَادٌ مَعَ الْأَعْدَادِ الْأُخَرِ عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ, فَتَكُونُ تسعا; وهذا كقوله تعالى: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} [فصلت: 9-10] إلَى قَوْلِهِ: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10] وَالْمَعْنَى: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِالْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَدِيًّا, ثُمَّ قَالَ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَصَارَتْ الْأَيَّامُ كُلُّهَا ثَمَانِيَةً, وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف: 54] فَكَذَلِكَ الْمَثْنَى دَاخِلٌ فِي الثُّلَاثِ وَالثُّلَاثُ فِي الرُّبَاعِ, فَجَمِيعُ مَا أَبَاحَتْهُ الْآيَةُ مِنْ الْعَدَدِ أَرْبَعٌ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا.
وَهَذَا الْعَدَدُ إنَّمَا هُوَ لِلْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ: "لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا". وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] إنَّمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْأَحْرَارِ; لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ لِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَأَنَّ الْمَوْلَى أَمْلَكُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ; لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ زَوَّجَهُ وَهُوَ كَارِهٌ لَجَازَ عَلَيْهِ وَلَوْ تزوج هو

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست