responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 70
بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهُ; وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ" , وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] فَلَمَّا كَانَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْآيَةِ, فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ فِي الْأَحْرَارِ. وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ لِلرِّقِّ تَأْثِيرًا فِي نُقْصَانِ حُقُوقِ النِّكَاحِ الْمُقَدَّرَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ, فَلَمَّا كَانَ الْعَدَدُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ النِّصْفُ مِمَّا لِلْحُرِّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا اثْنَتَيْنِ, وَلَا يُرْوَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ خِلَافُهُ فِيمَا نَعْلَمُهُ. وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ اثْنَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ, فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ". وَرَوَى الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: "أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ امْرَأَتَيْنِ". وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: "لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ". وَرَوَى حَمَّادُ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ قَالَا: "لَا يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ", وَشُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ", وَابْنُ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أَيُّكُمْ يَعْلَمُ مَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ مِنْ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ رِجْلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَا, فَقَالَ عُمَرُ: كَمْ؟ قَالَ: اثْنَتَيْنِ, فَسَكَتَ; وَمَنْ يُشَاوِرُ عُمَرُ وَيَرْضَى بِقَوْلِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ. وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: "اجْتَمَعَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجْمَعُ مِنْ النِّسَاءِ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ, وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ نُظَرَائِهِمْ قَالَ: إنَّهُ يَتَزَوَّجُ أَرْبَعًا, فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ كَانَ مَحْجُوجًا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِنَا عَنْ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ: رَوَى يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: "يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ أَرْبَعًا" وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَرَبِيعَةَ الرَّأْيُ. قِيلَ لَهُ إسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِيهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَهُوَ أَبُو وَهْبٍ, وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَجُزْ الِاعْتِرَاضُ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَقَاوِيلَهُمْ وَاسْتَفَاضَ ذَلِكَ عَنْهُمْ; وَقَدْ ذَكَرَ الْحَكَمُ وَهُوَ مِنْ جُلَّةِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ إجْمَاعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} فَإِنَّ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: الْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَهُنَّ, لِمَا قَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] وَالْمُرَادُ مَيْلُ الْقَلْبِ, وَالْعَدْلُ الَّذِي يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ وَيَخَافُ أَنْ لَا يَفْعَلَ إظْهَارُ الْمَيْلِ بِالْفِعْلِ, فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدَةِ إذَا خَافَ إظْهَارَ الْمَيْلِ وَالْجَوْرِ وَمُجَانَبَةَ الْعَدْلِ.
وَقَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ إبَاحَةِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ بعقد النكاح: {أَوْ مَا مَلَكَتْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست