نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 241
وهي من توابعه كما أثنى على العدل والنّصفة وإقامة مراسم الدّين والذّبّ عنه وأوجب بإزائها الثّواب وهي كلّها من توابع الملك.
فإذا إنّما وقع الذّمّ للملك على صفة وحال دون حال أخرى ولم يذمّه لذاته ولا طلب تركه كما ذمّ الشّهوة والغضب من المكلّفين وليس مراده تركهما بالكلّيّة لدعاية الضّرورة إليها وأمّا المراد تصريفهما على مقتضى الحقّ وقد كان لداود وسليمان صلوات الله وسلامه عليهما الملك الّذي لم يكن لغيرهما وهما من أنبياء الله تعالى وأكرم الخلق عنده ثمّ نقول لهم إنّ هذا الفرار عن الملك بعدم وجوب هذا النّصب [1] لا يغنيكم شيئا لأنّكم موافقون على وجوب إقامة أحكام الشّريعة وذلك لا يحصل إلّا بالعصبيّة والشّوكة والعصبيّة مقتضية بطبعها للملك فيحصل الملك وإن لم ينصّب إمام وهو عين ما قرّرتم عنه. وإذا تقرّر أنّ هذا النّصب واجب بإجماع فهو من فروض الكفاية وراجع إلى اختيار أهل العقد والحلّ فيتعيّن عليهم نصبه ويجب على الخلق جميعا طاعته لقوله تعالى «أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ 4: 59» .
وأمّا شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم والعدالة والكفاية وسلامة الحواسّ والأعضاء ممّا يؤثّر في الرّأي والعمل واختلف في شرط خامس وهو النّسب القرشيّ فأمّا اشتراط العلم فظاهر لأنّه إنّما يكون منفّذا لأحكام الله تعالى إذا كان عالما بها وما لم يعلمها لا يصحّ تقديمه لها ولا يكفي من العلم إلّا أن يكون مجتهدا لأنّ التّقليد نقص والإمامة تستدعي الكمال في الأوصاف والأحوال وأمّا العدالة فلأنّه منصب دينيّ ينظر في سائر المناصب الّتي هي شرط فيها فكان أولى باشتراطها فيه.
ولا خلاف في انتفاء العدالة فيه بفسق الجوارح من ارتكاب المحظورات وأمثالها وفي انتفائها بالبدع الاعتقاديّة خلاف. [1] أي نصب الامام.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 241