نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 242
وأمّا الكفاية فهو أن يكون جريئا على إقامة الحدود واقتحام الحروب بصيرا بها كفيلا يحمل النّاس عليها عارفا بالعصبيّة وأحوال الدّهاء قويّا على معاناة السّياسة ليصحّ له بذلك ما جعل إليه من حماية الدّين وجهاد العدوّ وإقامة الأحكام وتدبير المصالح.
وأمّا سلامة الحواسّ والأعضاء من النّقص والعطلة [1] كالجنون والعمى والصّمم والخرس وما يؤثّر فقده من الأعضاء في العمل كفقد اليدين والرّجلين والأنثيين فتشترط السّلامة منها كلّها لتأثير ذلك في تمام عمله وقيامه بما جعل إليه وإن كان إنّما يشين في المنظر فقط كفقد إحدى هذه الأعضاء فشرط السّلامة منه شرط كمال ويلحق بفقدان الأعضاء المنع من التّصرّف وهو ضربان ضرب يلحق بهذه في اشتراط السّلامة منه شرط وجوب وهو القهر والعجز عن التّصرّف جملة بالأسر وشبهه وضرب لا يلحق بهذه وهو الحجر باستيلاء بعض أعوانه عليه من غير عصيان ولا مشاقّة فينتقل النّظر في حال هذا المستولي فإن جرى على حكم الدّين والعدل وحميد السّياسة جاز قراره وإلّا استنصر المسلمون بمن يقبض يده عن ذلك ويدفع علّته حتّى ينفّذ فعل الخليفة.
وأمّا النّسب القرشيّ فلإجماع الصّحابة يوم السّقيفة على ذلك واحتجّت قريش على الأنصار لمّا همّوا يومئذ ببيعة سعد بن عبّادة وقالوا «منّا أمير ومنكم أمير» بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الأئمّة من قريش» وبأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوصانا بأن نحسن إلى محسنكم ونتجاوز عن مسيئكم ولو كانت الإمارة فيكم لم تكن الوصيّة بكم فحجّوا الأنصار ورجعوا عن قولهم «منّا أمير ومنكم أمير» وعدلوا عمّا كانوا همّوا به من بيعة سعد لذلك. وثبت أيضا في الصّحيح «لا يزال هذا الأمر في هذا الحيّ من قريش» وأمثال هذه الأدلّة كثيرة إلّا أنّه لمّا ضعف أمر قريش وتلاشت [1] تعطل الرجل إذا بقي لا عمل له والاسم العطلة وفلان ذو عطلة إذا لم تكن له صنعة يمارسها (لسان العرب) وقد استعملها ابن خلدون بمعنى فقد الحواس أو تعطيلها.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 242