responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 240
إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام. وقد ذهب بعض النّاس إلى أنّ مدرك وجوبه العقل، وأنّ الإجماع الّذي وقع إنّما هو قضاء بحكم العقل فيه.
قالوا وإنّما وجب بالعقل لضرورة الاجتماع للبشر واستحالة حياتهم ووجودهم منفردين ومن ضرورة الاجتماع التّنازع لازدحام الأغراض. فما لم يكن الحاكم الوازع أفضى ذلك إلى الهرج المؤذن بهلاك البشر وانقطاعهم مع أنّ حفظ النّوع من مقاصد الشّرع الضّروريّة وهذا المعنى بعينه هو الّذي لحظه الحكماء في وجوب النّبوءات في البشر وقد نبّهنا على فساده وأنّ إحدى مقدّماته أنّ الوازع إنّما يكون بشرع من الله تسلّم له الكافّة تسليم إيمان واعتقاد وهو غير مسلّم لأنّ الوازع قد يكون بسطوة الملك وقهر أهل الشّوكة ولو لم يكن شرع كما في أمم المجوس وغيرهم ممّن ليس له كتاب أو لم تبلغه الدّعوة أو نقول يكفي في رفع التّنازع معرفة كلّ واحد بتحريم الظّلم عليه بحكم العقل فادّعاؤهم أنّ ارتفاع التّنازع إنّما يكون بوجود الشّرع هناك ونصب الإمام هنا غير صحيح بل كما يكون بنصب الإمام يكون بوجود الرّؤساء أهل الشّوكة أو بامتناع النّاس عن التّنازع والتّظالم فلا ينهض دليلهم العقليّ المبنيّ على هذه المقدّمة فدلّ على أنّ مدرك وجوبه إنّما هو بالشّرع وهو الإجماع الّذي قدّمناه.
وقد شذّ بعض النّاس فقال بعدم وجوب هذا النّصب رأسا لا بالعقل ولا بالشّرع منهم الأصمّ من المعتزلة وبعض الخوارج وغيرهم، والواجب عند هؤلاء إنّما هو إمضاء الحكم الشّرع فإذا تواطأت الأمّة على العدل وتنفيذ أحكام الله تعالى لم يحتج إلى إمام ولا يجب نصبه وهؤلاء محجوجون بالإجماع. والّذي حملهم على هذا المذهب إنّما هو الفرار عن الملك ومذاهبه من الاستطالة والتّغلّب والاستمتاع بالدّنيا لمّا رأوا الشّريعة ممتلئة بذمّ ذلك والنّعي على أهله ومرغّبة في رفضه. واعلم أنّ الشّرع لم يذمّ الملك لذاته ولا حظر القيام به وإنّما ذمّ المفاسد النّاشئة عنه من القهر والظّلم والتّمتّع باللّذات ولا شكّ أنّ في هذه مفاسد محظورة

نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست