نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 239
النّظر العقليّ في جلب المصالح الدّنيويّة ودفع المضارّ والخلافة هي حمل الكافّة على مقتضى النّظر الشّرعي في مصالحهم الأخرويّة والدّنيويّة الرّاجعة إليها إذ أحوال الدّنيا ترجع كلّها عند الشّارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشّرع في حراسة الدّين وسياسة الدّنيا به فافهم ذلك واعتبره فيما نورده عليك من بعد والله الحكيم العليم.
الفصل السادس والعشرون في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشروطه
وإذ قد بيّنّا حقيقة هذا المنصب وأنّه نيابة عن صاحب الشّريعة في حفظ الدّين وسياسة الدّنيا به تسمّى خلافة وإمامة والقائم به خليفة وإماما فأمّا تسميته إماما فتشبيها بإمام الصّلاة في اتّباعه والاقتداء به ولهذا يقال الإمامة الكبرى وأمّا تسميته خليفة فلكونه يخلف النّبيّ في أمّته فيقال خليفة بإطلاق وخليفة رسول الله واختلف في تسميته خليفة الله فأجازه بعضهم اقتباسا من الخلافة العامّة الّتي للآدميّين في قوله تعالى «إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30» وقوله «جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ 6: 165» .
ومنع الجمهور منه لأنّ معنى الآية ليس عليه وقد نهى أبو بكر عنه لمّا دعي به وقال: «لست خليفة الله ولكنّي خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» ولأنّ الاستخلاف إنّما هو في حقّ الغائب وأمّا الحاضر فلا. ثمّ إنّ نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشّرع بإجماع الصّحابة والتّابعين لأنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النّظر إليه في أمورهم وكذا في كلّ عصر من بعد ذلك ولم تترك النّاس فوضى في عصر من الأعصار واستقرّ ذلك
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 239