نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 116
لَقَدْ لَقِينامِنْ سَفَرِناهذانَصَباً [الكهف:62].
وقدم على الوليد في تلك الأيام قوم من عبس وفيهم رجل ضرير محطوم الوجه، فسأله الوليد عن حاله. فقال: بتّ ليلة في بطن واد وأنا لا أعلم أنّ في بني عبس رجلا أكثر مني مالا. فطرقنا سيل، فذهب بما كان لي من أهل ومال وولد، وما بقي لي غير بعير واحد وابن صغير، وكان البعير صعب القياد فندّ [1]، فأقعدت الصّبيّ وتبعت البعير لأردّه فما بعدت حتّى سمعت صياح الصّبيّ فانصرفت فإذا رأس الذّئب في بطنه وقد مات، فرجعت إلى البعير لآخذه فلمّا دنوت منه رمحني فأصاب وجهي فحطمه وذهب بعينيي [2]، فأصبحت ولا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر. فقال الوليد: انطلقوا بهذا الرّجل إلى عروة ليخبره بخبره، حتّى يعلم أنّ في الأرض من هو أعظم بلاء منه. فانطلقوا به وأخبره. ثم إنّ عروة شخص إلى المدينة، فأتته قريش والأنصار يعزّونه في ولده ورجله، فقال له عيسى بن طلحة [3]: أبشر، فإنّ الله يعوّضك من ذلك أعظم الأجر وأجزل الثّواب [4]. فقال عروة: كانوا أربعة -يعني بنيه-فأبقى الله ثلاثة، وأخذ واحدا. وكنّ أربعا-يعني يديه ورجليه- فأخذ واحدة وأبقى ثلاثا، فلئن أخذت يا ربّ لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت. ثم نظر إلى النّاس، وقال: إن كنتم تعدّونني للسّباق والصّراع فقد [1] ندّ البعير: شرد ونفر. القاموس (ندد). [2] في الأصل بعيناي. [3] عيسى بن طلحة بن عبيد الله، كان من الحلماء الأشراف، والعلماء الثقات، وفد على معاوية، وعاش إلى حدود سنة مئة. سير أعلام النبلاء 4/ 367. [4] من كتاب التعازي والمراثي (55) قول عيسى: أبشر يا أبا عبد الله، فقد صنع الله بك خيرا، والله ما بك حاجة إلى المشي. فقال عروة: ما أحسن ما صنع الله إلي، وهب لي سبعة بنين فمتّعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحدا وترك ستة. ووهب لي ست جوارح فمتّعني بهن ما شاء، ثم أخذ واحدة، ثم ترك لي خمسا: يدين ورجلا وسمعا وبصرا.
نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 116