والشعر ليس كما يقول المدع ... صعب المقَادة مستدقُّ المهيع
كم عزَّ من قُحٍّ بليغ قبلنا ... أو من أديب حافظٍ كالأصمعي
قلْ غادرت هل غادر الشعراء في ... بحرِ القصيد لطامعٍ من مطمع
والحول يمكثه زهير حُجَّةٌ ... أنَّ القَوافَي لسن طوعَ الإِمَّعِ
إنَّ القَريض مزَلَّةٌ مَنْ رامَها ... فَهْوَ المُكلَّفُ جَمْعَ ما لم يجمع
إن يتبع الندَما أعاد حديثهم ... بعد الفُشُوِّ وضلَّ إن لم يتبع
والشعر للتطريبِ أوَّلُ وضعه ... فلغيرِ ذلك قبلنا لم يوضع
واليوم صار منكِدّاً ووسيلة ... قد كان مقصدها انتفا لم تشرع
وإليه ترتاحُ النفوسُ غُلبّةً ... فيميلها طَبعاً بغيرِ تطبع
ينساغ للأذهان أوّل مرّة ... ويزيدُ حُسْناً ثانياً في المرْجع
فيخالُ سيقَ السَّمْعِ مَنْ لم يستمعْ ... ويعودُ سامعه كأن لم يَسْمع
كالرَّوضِ يغْدُو السَّرْحُ فيه وتَنْثَني ... عند الرَّواحِ كأنه لم يُرتع
من كان مُسطاعاً له فليأته ... وليقن راحتهُ امُرُؤ لم يسطع
والجل من شعراء أهل زماننا ... ما إن أرى في ذا لَهُ من مَطمع
ومنها:
واليوم إما سارقٌ مستوجب ... قطعَ اليمين وحسمَها فليقطع
أو غاصبٌ متجاسِرٌ لم يثنهِ ... عنْ همهِ حدُّ العوالي الشُّرَّع
مهما رأى يوماً سواماً رتعاً ... شن المغار على السوام الرتَّع
فكأنه في عدوه وعدائه ... فعلُ السُّلَيْك وسلمة بن الأكوع