responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 273
الأكل عرض ظاهري لهذا المرض، وإنما حقيقة المرض في شَرَه النفس وما دِّيتها وتحول الطعام من وسيلة إلى غاية حتى يصبح الإنسان كالبهائم التي تسيِّرها شهواتها وفي ذلك يقول الله عز وجل: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)) (محمد، الآية: 12)، وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد [1].
ومعنى هذا الحديث أن من شأن المؤمنين التقليل من الأكل للاشتغال بأسباب العبادة، والكافر بخلاف ذلك كله لأنه تابع لشهوة نفسه مسترسل فيها غير خائف من تبعات الحرام، وإن أكل قليلا فليس ذلك لزهده في الدنيا وإنما لمراعاة الصحة ورياضة الجسم، فهو لشدة حرصه على الدنيا وتمسكه بها كأنه يأكل في سبعة أمعاء كما تقول: فلان يأكل الدنيا أكلاً وأما المؤمن فإنه يأكل في معي واحد، فالرسول صلى الله عليه وسلم يضرب المثل في هذا الحديث للمؤمن وزهده في الدنيا وللكافر وحرصه عليها [2]، وقد ذكر النووي ـ رحمه الله ـ توجيهاً آخر لهذا الحديث فقال: قيل: المراد بالسبعة سبع صفات، الحرص والشره، وطول الأمل، والطمع، وسوء الطبع، والحسد، والسمن [3]. وقد قال: ابن القيم ـ رحمه الله ـ: لعينه وذاته كالمحرمات والثاني: ما يفسده بقدر وتعدي حده كالإسراف في الحلال والشبع المفرط، فإنه يثقله عن الطاعات، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولته حتى يظفر بها، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها والتأذي بثقلها، وقوى عليه مواد الشهوة، وطرق مجاري الشيطان ووسعها، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فالصوم يضيق مجارية ويسد عليه طرقه والشبع يطرقها ويوسعها، ومن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً (4)
قول الحسن رضي الله عنه: وكان خارجاً من سلطان فرجه، فلا يستخف له عقله ولا رأيه [5]، فالحسن رضي الله عنه يدعو إلى التحكم في شهوة الفرج ولا يكون

[1] مسلم رقم 2060
[2] فتح الباري شرح البخاري (9/ 538 ـ 539)
[3] شرح النووي على صحيح مسلم (14/ 23)
(4) مدارج السالكين (1/ 458ـ459)
[5] البداية والنهاية (11/ 199)
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست