نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 51
رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بكر: «أخرج مَنْ عندك» فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، فقال: «فإني قد أذن لي في الخروج»، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله! قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نعم»، قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بالثمن»، قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز، ووضعنا لهم سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين، ثم لحق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر بغار في جبل ثور، فكمنا [1] فيه ثلاث ليالي يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف [2]، لقن [3]، فيدلج [4] من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان [5] به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما حيث تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل (وهو لبن منحهم ورضيفهما) [6] ينعق [7] بها عامر بن فهيرة بغلس ([8])،
يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، واستأجر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر رجلاً من بني الديل وهو من بني عبد ابن عدي هاديا خريتا (والخريت: الماهر)، قد غمس حلفًا [9] في آل العاص بن وائل السهمي، وهو على دين كفار قريش، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعده غار ثور بعد ثلاث
ليال براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم
طريق السواحل [10].
لم يعلم بخروج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وآل أبي بكر، وجاء وقت الميعاد بين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر - رضي الله عنه -، فخرجا من خوخة (11)
لأبي بكر في ظهر بيته؛ وذلك للإمعان في الاستخفاء حتى لا [1] كمنا فيه: أي: استترا واستخفيا، ومنه: الكمين في الحرب. [2] ثقف: ذو فطنة وذكاء، والمراد: ثابت المعرفة بما يحتاج إليه، النهاية: 1/ 216. [3] لقن: فهم حسن التلقي لما يسمعه، النهاية: 4/ 266. [4] يدلج: أدلج إذا سار أول الليل، وادَّلج بالتشديد: إذا سار آخره. [5] يكتادان: أي: يطلب لهما فيه المكروه، وهو من الكيد. [6] الرضيف: اللبن المرضوف، وهو الذي طرحت فيه الحجارة المحماة. [7] ينعق: نعق بغنمه أي: صاح بها وزجرها، القاموس المحيط: 3/ 265. [8] الغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، النهاية: 3/ 377 .. [9] غمس حلفًا: أي أخذ بنصيب من عقدهم وحلفهم يأمن به. [10] البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي، ص 395.
(11) الهجرة في القرآن الكريم: ص 334.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 51