نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 50
المبحث الثالث
هجرته مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة
تمهيد:
اشتدت قريش في أذى المسلمين والنيل منهم؛ فمنهم من هاجر إلى الحبشة مرة أو مرتين فرارًا بدينه، ثم كانت الهجرة إلى المدينة. ومن المعلوم أن أبا بكر استأذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الهجرة فقال له: «لا تعجل، لعل الله يجعل لك صاحبًا» [1] فكان أبو بكر يطمع أن يكون في صحبة
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وهذه السيدة عائشة -رضي الله عنها- تحدثنا عن هجرة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبيها - رضي الله عنه - حيث قالت: كان لا يخطئ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الهجرة، والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالهاجرة [2]، في ساعة كان لا يأتي فيها، قالت: فلما رآه أبو بكر، قال: ما جاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذه الساعة إلا لأمر حدث، قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أخرج عني من عندك»، فقال: يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي! فقال: «أنه قد أذن لي في الخروج والهجرة»، قلت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله؟ قال: «الصحبة»، قالت فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أحدًا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ، ثم قال: يا نبي الله، إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا، فاستأجرا عبد الله بن أريقط, رجلاً من بني الديل بن بكر، وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو، وكان مشركًا يدلهما على الطريق، فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما [3].
وجاء في رواية البخاري عن عائشة في حديث طويل تفاصيل مهمة، وفي ذلك الحديث: ... قالت عائشة: فبينما نحن يومًا جلوسًا في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متقنعًا [4]، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال [1] تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 107. [2] الهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو العصر. [3] السيرة النبوية لابن كثير: 2/ 233، 234. [4] متقنعًا: مغطيًا رأسه.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 50