نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 359
وبركاته. [1] وكانت رسالة خالد إلى أخيه أبي عبيدة قد قطعت المسافات من العراق إلى الشام واستقرت في قلبه الغني بالإيمان والزهد في هذه الدنيا الفانية، وهذا نصها:
لأبي عبيدة بن الجراح من خالد بن الوليد، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإني أسأل الله لنا ولك الأمن يوم الخوف والعصمة في دار الدنيا، فقد أتاني كتاب خليفة رسول الله يأمر فيه بالمسير إلى الشام وبالمقام على جندها والتولي على أمرها، والله ما طلبت ذلك ولا أردته ولا كتبت إليه فيه، وأنت رحمك الله على حالك الذي كنت به: لا تُعْصى في أمرك ولا يخالف رأيك ولا يقطع أمر دونك، فأنت سيد من سادات المسلمين لا ينكر فضلك ولا يستغنى عن رأيك، تمم الله ما بنا وبك من نعمة الإحسان، ورحمنا وإياك من عذاب النار، والسلام عليك ورحمة الله. (2)
وكان مع حامل الرسالة خطاب من خالد موجها إلى المسلمين بالشام، جاء فيه: ... أما بعد: فإني أسأل الله الذي أعزنا بالإسلام وشرفنا بدينه وأكرمنا بنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفضلنا بالإيمان رحمة من ربنا لنا واسعة، ونعمة منه علينا سابغة أن يتمم ما بنا وبكم من نعمته، واحمدوا الله عباد الله يزدكم، وارغبوا إليه في تمام العافية يدمها لكم، وكونوا له على نعمة من الشاكرين. وإن كتاب خليفة رسول الله أتاني يأمرني بالمسير إليكم، وقد شمرت وانكمشت وكأن خيلي قد أطلت عليكم في رجال، فأبشروا بإنجاز موعود الله وحسن ثوابه. عصمنا الله وإياكم بالإيمان، وثبتنا وإياكم على الإسلام، ورزقنا وإياكم حسن ثواب المجاهدين، والسلام عليكم [3].
فلما قدم حامل الرسالتين عمرو بن الطفيل بن عمرو الأزدي على المسلمين وقرأ عليهم خطاب خالد بن الوليد وهم بالجابية دفع إلى أبي عبيدة كتابه، فلما قرأه قال: بارك الله لخليفة رسول الله فيما رأى، وحيا الله خالدًا بالسلام. [4] إن هذا التعامل الرفيع بين هذين العظيمين يكشف لنا عن معاني الأخوة المنبثقة عن التوحيد الصحيح، والمحفوفة بسياج الأخلاق الحميدة التي كان يتصف بها صحابة رسول الله، فإن خالد لم تتغير نفسه أو يشعر بعلو على إخوانه بسبب فتوحاته في العراق وثقة الخليفة [1] مجموع الوثائق السياسية: ص 392، 393.
(2) نفس المصدر السابق: ص 392. [3] فتوح الشام للأزدي: ص 68 - 72، نقلا عن الحميدي. [4] فتوح الشام للأزدي: ص 68 - 72، نقلا عن الحميدي.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 359