نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 358
التكتيكية والمعنوية والمادية التي كان هدفها إشغال الصديق عن هدفه حتى قال قادة الروم: والله لنشغلن أبا بكر عن أن يورد الخيول إلى أرضنا [1]، وكان رد الصديق: والله لأشغلن النصارى عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد. [2] وقد حققت توجيهات الصديق عدة أمور، منها: توحيد جيش المسلمين في الشام، وتوحيد قيادة هذا الجيش بإمرة خالد، وتحديد موقع اللقاء، وهذا يؤكد وضوح الرؤية عند الخليفة أبي بكر في تحريك الجيوش، فكان عندما أرسلها من المدينة خرجت في طرق متباعدة نسبيًا فكانت على شكل رؤوس حراب أو على شكل مروحة، وهو عادة ما يعرف بحركة الانتشار في الجيوش الحديثة، وعندما حان وقت الاشتباك واللقاء الفاصل جمعها مع بعضها في موقع اختاره لها، فقد ظهرت قدرته البارعة في استعمال الجيوش وهو ما اتفق على تسميته «بالاستراتيجية» في العلم العسكري الحديث [3]، وكان الصديق كقائد عام للجيوش الإسلامية يحرص على حضوره المعنوي في ميدان القتال بالأوامر، مع ما كانت تتميز به تلك الأوامر من تبصر وبعد نظر، ونفاذ في البصيرة وبداهة في فهم الوضع العسكري على أرض المعركة، وبالتالي سرعته في تحريك القوى وفقا لهذا الوضع وبما يلائمه تمام الملاءمة، وحسن اختياره للقادة الذين كانوا بفعل الثقة المتبادلة بينه وبينهم يقرءون أفكاره ويحسون برغباته ونواياه، فتتجسد في مخيلتهم فكرة المناورة التي يعتزم تنفيذها ويقومون بتنفيذها كما لو كان الخليفة ينفذها، وبواسطة هذه الوسائل كان الخليفة يدير المعارك على الجبهات المختلفة كأنما هو حاضر في كل منها، بحيث يحس الجيش قادة وجنودًا كأن الخليفة نفسه معهم يقودهم ويوجههم، فيأتي عملهم مطابقًا تمام المطابقة لما يريد ويرغب، ووفقا لأوامره وتوجيهاته [4].
وعندما أرسل الصديق إلى خالد يأمره بالتوجه إلى الشام وتولي الجيوش هناك، قام الصديق بإرسال رسالة إلى أبي عبيدة يخبره فيها بتولية خالد عليه ويأمره فيها بالسمع والطاعة، وبيَّن فيها سبب تولية خالد: أما بعد، فإني قد وليت خالدًا قتال الروم بالشام، فلا تخالفه واسمع له وأطع أمره، فإني وليته عليك وأنا أعلم أنك خير منه، ولكن ظننت أن له فطنة في الحرب ليست لك، أراد الله بنا وبك سبيل الرشاد، والسلام عليك ورحمة الله [1] البداية والنهاية: 7/ 5. [2] البداية والنهاية: 7/ 5. [3] الفن العسكري الإسلامي: ص 89. أبو بكر الصديق، الحديثي: ص 60. [4] الفن العسكري الإسلامي: ص 98.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 358