نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 357
يستطع الانسحاب منها حتى نجده خالد بن الوليد قبل اليرموك، فظل يناور في بئر السبع لمتابعة الروم له، وبذلك شن المسلمون هجومًا مضادًا فكانت معركة أجنادين [1].
عندما تسلم الصديق رسالة أبي عبيدة وشرح له فيها الموقف أمره بالانسحاب إلى اليرموك والتجمع هناك، وقال له: بث خيلك في القرى والسواد وضيق عليهم بقطع الميرة والمادة، ولا تحاصروا المدائن حتى يأتيك أمري فإن ناهضوك فانهد لهم واستعن بالله عليهم، فإنه ليس يأتيهم مدد إلا أمددناك بمثلهم [2]، وجاء في رواية: إن مثلكم لا يؤتى من قلة إنما يؤتى العشرة الآلاف إذا أوتوا من تلقاء الذنوب، فاحترسوا من الذنوب واجتمعوا باليرموك متساندين، وليصل كل رجل منكم بأصحابه. [3] وكان توجيه الصديق للجيوش بأنه يجتمعوا ويكونوا عسكرا واحدا، وأن يلقوا زحوف المشركين بزحف المسلمين، وقال لهم: بأنكم أعوان الله، والله ناصر من نصره وخاذل من خذله [4].
ونرى من خلال رسائل الصديق بأنه وضع أساس النصر للجيوش بطاعتها لله أولاً، فالخذلان يأتي بالمعاصي والذنوب. وعمل الصديق على تجميع الجيوش في مكان واحد حتى لا يستغل العدو فترة انتشارهم في البلاد لينهك قواهم الواحد بعد الآخر، كما أن تعيينه لليرموك دال على دراسة الصديق لجغرافية الأرض في عصره وإدراكه لمواقعها، وهذا فقه حربي عظيم وفقه الله -عز وجل- له. وقرر الصديق أن ينقل خالد بن الوليد بجيشه إلى الشام وأن يتولى قيادة الجيوش بها، فالأمر بالشام يحتاج إلى قائد يجمع بين قدرة أبي عبيدة ودهاء عمرو وحنكة عكرمة وإقدام يزيد، وأن يكون صاحب قدرة عسكرية فائقة مع قدرة على حسم الأمور وصاحب دهاء وحيلة وإقدام، وصاحب حنكة ودراية مع دقة في تقدير المواقف، وصاحب تجربة طويلة في المعارك [5]، فوقع اختيار الصديق على خالد بن الوليد فكتب إليه بالعراق ونفذ ابن الوليد تعاليم الخليفة، ووصل بجيشه إلى الشام بعد رحلة عبر الصحراء لم يذكر التاريخ شبيهًا لها، وقد بينت ذلك, فكانت إمدادات الصديق تتواصل على الشام، ويضع الخطط المتطورة ويرد على أساليب الأعداء [1] حروب الإسلام في الشام، أحمد محمد: ص 45. [2] العمليات التعويضية والدفاعية عند المسلمين: ص 148. [3] تاريخ الطبري: 4/ 211. [4] تاريخ الطبري: 4/ 211. [5] تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 359، 360.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 357