نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 349
اخرج من غد إن شاء الله. [1] وكان جيشه يتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف مجاهد، وهدف ذلك الجيش حمص، سار أبو عبيدة من المدينة مارًّا بوادي القرى، ثم اطلع إلى الحجر «مدن صالح»، ثم إلى ذات منار، ثم إلى زيزا، ومنها إلى مأمؤاب، فالتقى بقوة للعدو فقاتلهم، ثم صالحوه فكان أول صلح عقد في الشام، ثم واصل تقدمه نحو الجابية [2]، وكان هذا الجيش الجناح الأيسر للجيش الأول والجناح الأيمن للجيش الثاني [3]، وكان في صحبة أبي عبيدة بن الجراح فارس من فرسان العرب المشهورين، قيس بن هبيرة بن مسعود المرادي فأوصى به الصديق أبا عبيدة قبل سفره وقال له: إنه قد صحبك رجل عظيم الشرف، فارس من فرسان العرب ليس بالمسلمين غناء عن رأيه ومشورته وبأسه في الحرب، فأدنه وألطفه وأره أنك غير مستغن عنه ولا مستهين بأمره، فإنك تستخرج بذلك نصيحته لك وجهده وجدَّه على عدوك.
ودعا أبو بكر قيس بن هبيرة فقال: إني بعثتك مع أبي عبيدة الأمين الذي إذا ظُلم لم يظلم، وإذا أُسيء إليه غفر، وإذا قطع وصل، رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين، فلا تعصين له أمرًا، ولا تخالفن له رأيا، فإنه لن يأمرك إلا بخير، وقد أمرته أن يسمع منك فلا تأمره إلا بتقوى الله، قد كنا نسمع أنك شريف ذو بأس سيد مجرب في زمان الجاهلية الجهلاء؛ إذ ليس فيهم إلا الإثم، فاجعل بأسك وشدتك ونجدتك في الإسلام على المشركين وعلى من كفر بالله وعبد معه غيره، فقد جعل الله في ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل والعز للمسلمين. فقال قيس بن هبيرة: إن بقيت وأبقاك الله فسيبلغك عني من حيطتي عن المسلم وجهدي على الكافر ما تحب ويسرك ويرضيك، فقال له أبو بكر - رضي الله عنه -: افعل ذلك رحمك الله. قال: فلما بلغ أبا بكر مبارزة قيس بن هبيرة البطرقين بالجابية وقتله إياهما قال: صدق قيس وبر ووفى [4].
ونلحظ أن أبا بكر - رضي الله عنه - شحذ همة قيس بن هبيرة وفجر طاقاته الكامنة في نفسه، واستخرج منه أعلى ما أمكن من طاقة وصرفها في حماية الإسلام والجهاد في [1] فتوح الشام للأزدي: ص 17. [2] الكامل لابن الأثير: 2/ 66. [3] العمليات التعرضية والدفاعية عند المسلمين، نهاد عباس: ص 141. [4] فتوح الشام للأزدي: ص 26، 27.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 349