نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 294
وهو غير لازم، فوقع بين أبي ذر ومعاوية كلام بالشام، فخرج إلى المدينة فاجتمع إليه الناس، فجعل يسلك تلك الطرق، فقال له عثمان: لو اعتزلت؛ معناه: إنك على مذهب لا يصلح لمخالطة الناس، ومن كان على طريقة أبي ذر فحاله يقتضي أن ينفرد بنفسه ولا يخالط الناس، ويسلم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة، فخرج زاهدا فاضلا، وترك جلة فضلاء، وكل على خير وبركة وفضل، وحال أبي ذر أفضل، ولا تمكن لجميع الخلق، فلو كانوا عليها لهلكوا، فسبحان مرتب المنازل [1].
وقال ابن العربي: ووقع بين أبي الدرداء ومعاوية كلام، وكان أبو الدرداء زاهدا فاضلا قاضيا لهم (في الشام)، فلما اشتد في الحق وأخرج طريقة عمر بن الخطاب في قوم لم يحتملوها عزلوه، فخرج إلى المدينة, وهذه كلها مصالح لا تقدح في الدين، ولا تؤثر في منزلة أحد من المسلمين بحال، وأبو الدرداء وأبو ذر بريئان من كل عيب، وعثمان برئ أعظم براءة وأكثر نزاهة، فمن روى أنه نفي وروى سببًا فهو كل باطل [2].
9 - ولم يقل أحد من الصحابة لأبي ذر إنه أخطأ في رأيه، لأنه مذهب محمود لمن يقدر عليه, ولم يأمر عثمان أبا ذر بالرجوع عن مذهبه، وإنما طلب منه أن يكف عن الإنكار على الناس ما هم فيه من المتاع الحلال. ومن روى أنه عثمان نهى أبا ذر عن الفتيا مطلقا لم تصل روايته إلى درجة الخبر الصحيح [3]. والذي صح عند البخاري أن أبا ذر قال: لو وضعتم الصمصامة على هذه -وأشار إلى قفاه- ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أن تجيزوا عليَّ لأنفذتها [4]. وفي البخاري لم يروا أن عثمان نهى أبا ذر عن الفتيا؛ لأن نهي الصحابي عن الفتيا دون تحديد الموضوع أمر ليس بالهين [5].
10 - ولو كان عثمان نهاه عن الفتيا مطلقا لاختار له مكانا لا يرى فيه الناس، أو حبسه في المدينة، أو منعه من دخول المدينة، ولكن أذن له بالنزول في منزل يكثر مرور الناس [1] العواصم من القواصم، ص77. [2] المصدر نفسه، ص79. [3] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 223). [4] البخاري، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل (1/ 29). [5] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 224).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 294