نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 293
وقال ابن عبد البر: والجمهور على أن الكنز المذموم ما لم تؤدَّ زكاته، ويشهد له حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك، ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من أهل الزهد كأبي ذر [1].
5 - ولعل مما يفسر مذهب أبي ذر في الإنفاق ما رواه الإمام أحمد عن شداد بن أوس، قال: كان أبو ذر يسمع الحديث من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه الشدة، ثم يخرج إلى قومه، يسلم لعله يشدد عليهم، ثم إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرخص فيه بعد، فلم يسمعه أبو ذر فيتعلق أبو ذر بالأمر الشديد [2].
6 - قوله: «إن شئت تنحيت فكنت قريبا». يدل على أن عثمان طلب من أبي ذر أن يتنحى عن المدينة برفق ولم يأمره، ولم يحدد له المكان الذي يخرج إليه، ولو رفض أبو ذر الخروج ما أجبره عثمان على ذلك، ولكن أبا ذر كان مطيعا للخليفة؛ لأنه قال في نهاية الحديث: لو أمَّروا عليَّ حبشيًّا لسمعت وأطعت [3]. ومما يدل على أنه يمقت الفتنة والخروج على الإمام المبايع، ما رواه ابن سعد في أن ناسا من أهل الكوفة قالوا لأبي ذر وهو بالربذة: إن هذا الرجل فعل بك وفعل، هل أنت ناصب له راية؟ -يعني مقاتله- فقال: لا، لو أن عثمان سيرني من المشرق إلى المغرب لسمعت وأطعت [4].
7 - والسبب في تنحي أبي ذر عن المدينة، أو طلب عثمان منه ذلك، أن الفتنة بدأت تطل برأسها في الأقاليم، وأشاع المبغضون الأقاويل الملفقة، وأرادوا أن يستفيدوا من إنكار أبي ذر متعلقا برأيه ومذهبه، ولا يريد أن يفارقه، فرأى عثمان - رضي الله عنه - تقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة؛ لأن في بقاء أبي ذر بالمدينة مصلحة كبيرة من بث علمه في طلاب العلم، ومع ذلك فرجح عند عثمان دفع ما يتوقع من المفسدة من الأخذ بمذهبه الشديد في هذه المسألة.
8 - قال أبو بكر بن العربي: كان أبو ذر زاهدا ويرى الناس يتسعون في المراكب والملابس حين وجدوا فينكر ذلك عليهم، ويريد تفريق جميع ذلك من بين أيديهم, [1] فتح الباري (3/ 273). [2] المسند (5/ 125). [3] البخاري (1406). [4] الطبقات (4/ 227).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 293