نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 295
به؛ لأن الربذة كانت منزلا من منازل الحجاج العراقيين، وكان أبو ذر يتعاهد المدينة يصلي في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال له عثمان: لو تنحيت فكنت قريبا. والربذة ليست بعيدة عن المدينة، وكان يجاورها حمى الربذة الذي ترعى فيه إبل الصدقة، ولذلك يروى أن عثمان أقطعه صرمة من إبل الصدقة، وأعطاه مملوكين، وأجرى عليه رزقا، وكانت الربذة أحسن المنازل في طريق مكة [1]. وبعد أن ذكر الإمام الطبري الأخبار التي تفيد اعتزال أبي ذر من تلقاء نفسه قال: وأما الآخرون فإنهم رووا في سبب ذلك أشياء كثيرة وأمورا شنيعة كرهت ذكرها [2].
إن الحقيقة التاريخية تقول إن عثمان - رضي الله عنه - لم ينفِ أبا ذر - رضي الله عنه - إنما استأذنه فأذن له، ولكن أعداء عثمان - رضي الله عنه - كانوا يشيعون عليه بأنه نفاه، ولذلك لما سأل غالب القطان الحسن البصري: عثمان أخرج أبا ذر؟ قال الحسن: لا، معاذ الله [3]. وكل ما روي في أن عثمان نفاه إلى الربذة، فإنه ضعيف الإسناد لا يخلو من علة قادحة، مع ما في متنه من نكارة لمخالفته للمرويات الصحيحة والحسنة، التي تبين أن أبا ذر استأذن للخروج إلى الربذة وأن عثمان أذن له [4]؛ بل إن عثمان أرسل يطلبه من الشام ليجاوره بالمدينة، فقد قال له عندما قدم من الشام: إنا أرسلنا إليك لخير لتجاورنا بالمدينة [5]. وقال له أيضا: كن عندي تغدو عليك وتروح اللقاح [6]. أفمن يقول ذلك له ينفيه؟ [7] ولم تنص على نفيه إلا رواية رواها ابن سعد، وفيها بريدة بن سفيان الأسلمي الذي قال عنه الحافظ ابن حجر: ليس بالقوي وفيه رفض، فهل تقبل رواية رافضي تتعارض مع الروايات الصحيحة والحسنة؟ [8] واستغل الرافضة هذه الحادثة أبشع استغلال فأشاعوا أن عثمان - رضي الله عنه - نفى أبا ذر إلى الربذة، وأن ذلك مما عيب عليه من قِبَل الخارجين عليه أو أنهم سوغوا الخروج عليه [9]. وعاب عثمان [1] تاريخ الطبري (5/ 286). [2] المصدر نفسه (5/ 288). [3] تاريخ المدينة، ابن شبة، ص (1037)، إسناده صحيح. [4] فتنة مقتل عثمان (1/ 110). [5] تاريخ المدينة، ص1036، 1037، إسناده حسن. [6] الطبقات، لابن سعد (4/ 226، 227). [7] فتنة مقتل عثمان (1/ 111). [8] فتنة مقتل عثمان (1/ 111). [9] فتنة مقتل عثمان (1/ 111).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 295