نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 140
وتفككت وحدة الدولة عما كانت عليه في عهد السلاجقة العظام [1].
1 - موعظة رهيبة بليغة يحضرها السلطان محمد بن ملكشاه: في سنة 501هـ من يوم الجمعة زار السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي مشهد الإمام أبي حنيفة، وكان معه الوزير أحمد نظام الملك، والبرسقي صاحب الشرطة ببغداد، وجماعة من الأمراء والأعيان، ثم أدى صلاة الجمعة، في جامع المهدي بالرصافة [2]، وقد خطب الجمعة الشيخ أبو سعد المعمر ابن علي، فكانت خطبته رهيبة وقد وجّه الكلام فيها إلى الوزير أحمد نظام الملك قال: الحمد لله ولي الإنعام، وصلى الله على من هو للأنبياء ختام، وعلى آله سرج الظلام، زينه الله بالتقوى، وختم أعماله بالحسنى, وجمع له بين خيري الآخرة والدنيا.
معلوم يا صدر الإسلام أن آحاد الرعية من الأعيان، مخيَّرون في القاصد والوافد، إن شاءوا وصلوه وإن شاءوا فصَلوه، فأمّا من توشَّح بولائه، وشرشح لآلآئه، فليس مخيراً في القاصد والوافد، لأنّ من هو على الحقيقة أمير، فهو في الحقيقة أجير، قد باع نفسه وأخذ ثمنه، فلم يبق له من نهاره، ما يتصرف فيه على اختياره، ولا له أن يصلي نفلاً، ولا يدخل معتكفاً, دون التبتّل لتدبيرهم، والنظر في أمورهم، لأن هذا فضل، وهذا فرض لازم, وأنت يا صدر الإسلام، وإن كنت وزير الدولة، فأنت أجير الأمة, استأجرك جلال الدولة بالأجرة الوافرة، لتنوب عنه في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا ففي مصالح المسلمين، وأما في الآخرة فلتجب عند ربّ العالمين، فإنه سيقفه بين يديه، ويقول له: ملكتك البلاد، وقلدتك أزمّة العباد فما صنعت في إقامة البذل وإفاضة العدل؟ فلعله يقول: يا رب اخترت من دولتي شجاعاً عاقلاً حازماً، وسمّيته قوام الدين نظام الملك، وها هو قائم في جملة الولاة, وبسطت يده في السوط والسيف والقلم، ومكنته في الدينار والدرهم فاسأله يا ربّ ماذا صنع في عبادك وبلادك؟ أفتحسن أن تقول في الجواب: نعم تقلّدت أمور البلاد وملكت أزمّة العباد، ودنوت من تلقائك، اتخذت الأبواب والنّواب، والحجاب والحُجّاب، ليصّدوا عني القاصد، ويردّوا عني الوافد؟ فاعُمر قبرك كما عمّرت قصرك، وانتهز الفرصة، ما دام الدهر يقبل أمرك، فلا تعتذر فما ثّم من يقبل عذرك.
فهذا ملك الهند، وهو عابد صَنَم، ذهب سمعه، فدخل عليه أهل مملكته يعزّونه في سمعه فقال: ما حزني لذهاب هذه الجارحة من بدني ولكن لصوت مظلوم كيف لا أسمعه فأغيثه! ثم قال: إن كان ذهب سمعي، فما ذهب بصري، فليؤمر كل ذي ظلامه أن يلبس أحمر، حتى إذا رأيته عرفته وأنصفته، وأنت يا صدر الإسلام أحق بهذه المأثرة، وأولى بهذه المعدلة، [1] الشرق الإسلامي قبيل الغزو المغولي، ص 56. [2] الدولة السلجوقية في عهد السلطان سنجر، ص 71.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 140