responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 596
الشمس ومزخر البحر، ما تأخرَّ منهم متأخرَّ ولا استبعد المسافة بينك وبينهم مستعبد وخرجوا من ذات أنفسهم الخبيثة، لا أموال تنُفق فيهم، ولا ملوك تحكم عليهم، ولا عصا تسوقهم، ولا سيف يزعجهم مهطعين [1] إلى الدّاعي، ساعين، وهم من كل حَدَب يَنسلُون: ومن كل بَرَّ وبحر يقبلون - أبقاك الله - كما قيل:
ولست بَملْكِ هازم لنظيره ... ولكنك الإسلامُ للشَّرك هازم
وهذا وليس لك من المسلمين كافَّة مساعد إلا بدعوة ولا مجاهد معك بلسانه، ولا خارج معك إلا بهم، ولا خارج بين يديك إلا بالأجرة، ولا قانع منك إلا بزيادة تشتري منهم الخطوات شبراً بذراع، وذراعاً بباع، فدعوهم إلى الله وكأنما تدعوهم إلى نفسك، وتسألهم الفريضة تكلفَّهم النَّافلة، وتعرض عليهم الجنَّة وكأنك تريد أن تستأثر بها دونهم [2] وقال في كتاب آخر: .. ولنا ذنوب قد سَدَّت طريق دُعائنا فنحن أولى بأن نلوم أنفسنا، والله قَدَرٌ لا سلاح لنا في دفعِهِ إلا أن نقول: لا حول ولا قُوَّة إلا بالله، وقد أشرفنا على أهوال " قل الله يُنَجَّيكم منها ومن كلَّ كرب" (الأنعام، آية: 64) وقد جمع العدوُّ لنا وقيل لنا: أخشوه، فقلنا: حسبنا الله ونعم الوكيل، متنجَّزين بذلك موعود الإنقلاب بنعمة من الله وفضل، فما نرجو إلا ذلك الفضل العظيم، وليس إلا الاستعانة بالله، فما دلنا الله في الشدائد إلا على الدُّعاء له وعلى طروق باب كَرمَه وعلى التضرع إليه، "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضَّرعوا ولكن قست قلوبهم" (الأنعام، آية: 43). ونعود بالله من القسوة، ومن القنوط من الرّحمة، ومن اليأس من الفَرَج فإنه لا ييأس منه إلا مسلوب الرَّشَد، مطرود عن الله مقطوع الحظ منه ولا حيلة إلا بترك الحيلة، بل قَّصدُ من تمضي أقداره بلا حيلة سبحانه وتعالى، إن علم الله من جند مولانا أنهَّم قد بذلوا المجهود فقد عَذَرهم، فيعذرهم المولى، وإن علم أنهم قد ذخروا قوة أو قصَّروا في نصُرة كلمة الله فيكفيهم مقت الله [3] والمملوك يذكَّرُ المولى بصبره، وبرحب صدره وبفضل خلُقُه وبتقواه لربه، وبمداراة مِزَاجه وببرء القلوب الإسلامية ببرء جسمه "وإن كبر عَليك إعراضهم" الآية إلى "ولو شاء الله لجمعهم على الهدى" والمولى أولى بهذا البيت:
لا بَطِرٌ إن تتابعت نِعمٌ
وصابرٌ في البلاءِ مُحْتَسِبٌ
قيل للمهلب: أيسُّرك ظفرٌ ليس فيه تعب؟ فقال: أكره عادة العجز ولا بُدَّ أن تنفذ

[1] كتاب الروضتين (4/ 182).
[2] المصدر نفسه (4/ 182).
[3] كتاب الروضتين (4/ 186).
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 596
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست