نام کتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون نویسنده : محمد عزير شمس جلد : 1 صفحه : 666
والآثار حفظًا، إذا تكلم في التفسير فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه وذو رايته، أو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته في ذلك، ولا أرفع من درايته، برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه، كان يتكلم في التفسير فيحضر مجلسه الجم الغفير، ويردون من بحر علمه العذاب النمر، ويرتعون من رياض فضله في روضة وغدير، إلى أن دب إليه من أهل بلده الحسد، وأكب أهل النظر منهم بما يُنتقد عليه من أمور المعتقد، فحفظوا عنه في ذلك كلامًا، أوسعوه بسببه ملامًا، وفوقوا لتبديعه سهامًا، وزعموا أنه خالف طريقهم، وفرق فريقهم، فنازعهم ونازعوه، وقاطع بعضهم وقاطعوه، ثم نازعه طائفة أخرى ينتسبون من الفقر إلى طريقة، ويزعمون أنهم على أدق باطن منها وأجلى حقيقة، فكشف تلك الطرائق، وذكر لها مراغم وموابق [1]، فآضت إلى الطائفه الأولى من منازعيه، واستعانت بذوي الضغن عليه من مقاطعيه، فوصلوا بالأمراء أمره، وأعمل منهم في كفره فكره فرتبوا محاضر، وألبوا الرويبضة للسعي بها بين الأكابر، وسعوا في نقله إلى حضرة المملكة بالديار المصرية، فنقل وأودع السجن ساعة حضوره واعتقل، وعقدوا لإراقة دمه مجالس، وحشدوا لذلك قومًا من عُمَّار الزوايا وسكان المدارس، من مجامل في المنازعة مخاتل في المخادعة، ومن مجاهر بالتكفير مبارز بالمقاطعة، يسومونه ريب المنون {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69)} [القصص / 69]، وليس المجاهر بكفره بأسوأ حالاً من المخاتل، وقد دبت إليه عقارب مكره، فرد الله كيد كلٍّ في نحره، ونجَّاه على يد من اصطفاه، والله غالب على أمره، [1] في كتاب ابن عبد الهادي: "على ما زعم بوائقِ".
نام کتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون نویسنده : محمد عزير شمس جلد : 1 صفحه : 666