نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 213
..
- عنها ليس من قبيل السياسة الشرعية، بل إنه نهى عنها لما علم نهي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما روي من طريق سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر قال: صعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنها، لا أوتى بأحد نكحها إلّا رجمته» .
ويقال لهم في المعقول: لا نسلم أنها منفعة خالية من جهات القبح، ولا ضرر فيها في الآجل ولا في العاجل، بل الضرر متحقق فيها فإن فيها امتهان المرأة، وضياع الأنساب فإنه مما لا شك فيه أن المرأة التي تنصب نفسها ليستمتع بها كل من يريد تصبح محتقرة في أعين الناس، وأيضا فهو معقول في مقابلة النص، وهو باطل.
ويقال لهم في الإجماع: أولا: إن إجماع أهل البيت (على فرض إجماعهم) ليس بحجة، فما بالك والإجماع لم يصح عنهم؟! فهذا زيد بن علي، وهو من أعلمهم يوافق الجمهور، ثم إن الإمام عليا (رضي الله عنه) وهو رأس الأئمة عندهم يقول بتحريمها، فقد روي من طريق جويرية عن مالك بن أنس عن الزهري أن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، والحسن بن محمد حدثاه عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: إنك رجل تائه- أي: مائل- إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن المتعة.
وأما الجمهور، فقد استدلوا على تحريم نكاح المتعة بالكتاب، والسنة، والمعقول، والإجماع: أما الكتاب: فقول الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون: 5- 6] و [المعارج: 29- 30] ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة: أنها أفادت أن الوطء لا يحله إلا في الزوجة والمملوكة وامرأة المتعة لا شك أنها ليست مملوكة ولا زوجة. أما أنها ليست مملوكة، فواضح. وأما أنها ليست زوجة، فلأنها لو كانت زوجة لحصل التوارث بينهما لقوله (تعالى) : وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ [النساء: 12] الآية. وبالاتفاق لا توارث بينهما.
وثانيا: لثبت النسب، بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» وبالاتفاق لا يثبت النسب. وثالثا:
لوجبت العدة عليها لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ [البقرة: 234 و 240] الآية.
وأما السنة: فأولا: ما روى مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية» ووجه الدلالة من الحديث: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن المتعة، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، فيكون نكاح المتعة فاسدا. والحديث يدل على نسخ ما تقدم من إباحتها.
ثانيا: ما روي عن سبرة الجهني أنه غزا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمسة عشر، فأذن لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في متعة النساء، وذكر الحديث إلى أن قال: فلم أخرج منها حتى حرمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وفي رواية أنه كان مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخلي سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا» رواه أحمد ومسلم ووجه الدلالة من الحديث أنه يدل برواياته على تحريم نكاح المتعة، وقد جاء في الرواية الثانية التصريح بتحريمها إلى يوم القيامة، فيكون ذلك نسخا لإباحتها، وإذا ثبت ذلك فهي من الأنكحة الفاسدة.
وأما المعقول: فقد قالوا: إن النكاح لم يشرع لقضاء الشهوة، بل شرع لأغراض ومقاصد يتوسل به إليها.
واقتضاء الشهوة بالمتعة لا يقع وسيلة إلى المقاصد التي من أجلها شرع النكاح، فلا يكون مشروعا. -
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 213