نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 212
..
- المتعة مباحة لما أفتى بها ابن عباس إذ لا يليق بمثله أن يفتي بها مع أنها محرمة.
وثانيا: بما روي عن جابر (رضي الله عنه) قال: تمتعنا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم نهانا عمر.
ووجه الدلالة من هذا: أن جابرا (رضي الله عنه) أخبر أنهم استمتعوا في زمن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفي خلافة أبي بكر، وفي صدر من خلافة عمر، وهذا يدل على أن المتعة مباحة، وإنما نهى عنها عمر من باب السياسة الشرعية.
وأما المعقول: فقد قالوا: إنها منفعة خالية من جهات القبح، ولا نعلم فيها ضررا عاجلا، ولا آجلا، وكل ما هذا شأنه فهو مباح، فالمتعة مباحة.
وأما الإجماع: فإنهم قالوا: أجمع أهل البيت على إباحتها.
وتناقش هذه الأدلة التي تمسك بها الإمامية بما يأتي:
أما الآية، فيقال لهم فيها: إنها بمعزل عن الدلالة لكم إذ هي محمولة على النكاح الدائم، وما يجب للمرأة من المهر كاملا إذ استمتع بها الزوج، ويؤيد هذا أنها وردت في سياق الكلام على النكاح بالعقد المعروف بعد الكلام على أجناس يحرم التزوج بها. وتسمية المهر أجرا لا يدل على أنه أجر المتعة، فقد سمي المهر أجرا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ [الأحزاب: 50] أي: مهورهن، وكقوله تعالى: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي: مهورهن، وأما قراءة أبيّ وابن عباس، فهي شاذة، والقراءة الشاذة لا تعارض القطعي، وهي الآية الدالة على التحريم، وهي قوله تعالى: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ مع أن الدليلين إن تساويا في القوة وتعارضا في الحل والحرمة قدم دليل الحرمة منهما، ويقال لهم فيما روي عن ابن عباس أنه ثبت رجوعه عنه، وقد كان يفتي بها أولا لأنه فهم من نهي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عنها يوم خيبر، ثم إباحتها يوم الفتح، ثم نهيه عنها بعد ذلك- أن الإباحة كانت للضرورة، والنهي عند ارتفاعها يؤيد ذلك ما روي عن شعبة عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس سئل عن متعة النساء، فرخص فيها، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة، فقال ابن عباس: نعم فإنه يعلم من هذا أن ابن عباس كان يتأول في إباحة نكاح المتعة لمضطر إليه، ثم توقف بعد ذلك لما ثبت له النسخ.
ومما يؤيد رجوع ابن عباس ما أخرجه الترمذي، أن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شأنه، حتى نزلت: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ [المؤمنون: 6] و [المعارج: 30] فقال ابن عباس: فكل فرج سواهما حرام.
وقد روى رجوعه أيضا البيهقي وأبو عوانة في صحيحه، وروي عنه أنه قال عند موته: «اللهمّ إنّي أتوب إليك من قولي في المتعة والصرف، وعليه فلا يصح الاحتجاج بفتوى ابن عباس، وقد رجع عنها» .
ويقال لهم في أثر جابر: إن قوله: «تمتعنا إلخ ... » يحمل على أن من تمتع لم يبلغه النسخ، حتى نهى عنها عمر، أو يكون جابر (رضي الله عنه) قال ذلك لفعلهم في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم لم يبلغه النسخ، حتى نهى عنها عمر، فاعتقد أن الناس باقون على ذلك لعدم الناقل عنده، والقول بأن عمر هو الذي نهى عنها، وأن ذلك من قبيل السياسة الشرعية غير مسلم فإن عمر إنما قصد الإخبار عن تحريم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونهيه عنها، إذ لا يجوز أن ينهى عما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أباحه وبقي على إباحته. ومما يؤيد أن نهيه-
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 212