نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 214
..
- وأما الإجماع: فقد قالوا: إن الأمة امتنعت عن العمل بالمتعة مع ظهور الحاجة إلى ذلك، وما ذلك إلا لعلمهم بنسخها.
وقد نوقشت أدلة الجمهور بما يأتي:
أما حديث علي، فقد قيل لهم فيه: إنه وقع فيه كلام، حتى زعم ابن عبد البر أن ذكر النهي بيوم خيبر غلط. وقال السهيلي: ويتصل بهذا الحديث تنبيه على إشكال لأن فيه النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر، وهذا شيء لا يعرفه أهل السير ورواة الآثار. والذي يظهر أنه وقع تقديم وتأخير في لفظ الزهري. وقد أشار ابن القيم إلى تقرير هذا التقديم والتأخير فقال: وأما نكاح المتعة، فثبت عنه أنه أحلها عام الفتح، وثبت عنه أنه نهى عنها عام الفتح، واختلف هل نهى عنها يوم خيبر على قولين، والصحيح أن النهي إنما كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية وإنما قال علي لابن عباس: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى يوم خيبر عن متعة النساء، ونهى عن الحمر الأهلية محتجا عليه في المسألتين، فظن بعض الرواة أن التقييد بيوم خيبر راجع إلى الفعلين، فرواه بالمعنى، ثم أفرد بعضهم أحد الفعلين، وقيده بيوم خيبر.
وترد هذه المناقشة بأن أصحاب الزهري قد اتفقوا على أن نهي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن المتعة يوم خيبر، وهم حفاظ ثقات، وزيادة الحافظ الثقة تقبل. ولهذا قال عياض تحريمها يوم خيبر صحيح لا شك فيه، والقول بأنه وقع في لفظ الزهري تقديم وتأخير يخالفه ظاهر الحديث فإن ظاهره أن عام خيبر ظرف لتحريم نكاح المتعة.
ومما يؤيد هذا الظاهر حديث ابن عمر الذي أخرجه البيهقي بإسناد قوي أن رجلا سأل عبد الله بن عمر عن المتعة، فقال: حرام، قال: فإن فلانا يقول فيها، فقال: والله لقد علم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حرمها يوم خيبر، وما كنا مسافحين.
والذي يظهر أن القائلين بأن النهي يوم خيبر إنما كان عن لحوم الحمر الأهلية يحاولون بذلك استبعاد أن تكون المتعة قد نسخت مرتين لأنه ثبت النهي عنها يوم الفتح، ومعلوم أن يوم الفتح بعد خيبر، إذ أن خيبر في السنة السابعة من الهجرة، وغزوة الفتح في السنة الثامنة فيلزم من ذلك نسخها مرتين.
ونحن نرى أن لا داعي لهذه المحاولة ما دام الحديث ظاهرا في أن يوم خيبر ظرف لتحريم نكاح المتعة، ولا مانع من نسخها مرتين، ولها نظير في الشريعة الإسلامية، وهو مسألة القبلة فقد نسخت مرتين، وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي بمكة إلى الكعبة، ثم أمر بالصلاة إلى بيت المقدس بعد الهجرة تأليفا لليهود، وامتحانا للمسلمين الذين اتبعوه بمكة، ثم حول إلى الكعبة ثانيا. وقيل لهم في حديث سبرة الجهني: أن القول بأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حرمها إلى يوم القيامة معارض بما روي عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن المتعة في حجة الوداع كما عند أبي داود.
وترد هذه المناقشة بأن هذا اختلف فيه عن سبرة، والرواية عنه بأنها في الفتح أصح لأنهم في فتح مكة شكوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم العزوبة، فرخص لهم فيها مدة ثم نسخها، وعلى تسليم صحة النهي عنها في حجة الوداع، فنقول: إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أعاد النهي في حجة الوداع ليسمعه من لم يكن سمعه قبل، فأكد ذلك حتى لا تبقى شبهة لأحد يدعي تحليلها.
ويقال لهم في الإجماع: إنه غير مسلم فقد ثبت الجواز عن ابن عباس كما ثبت عن جماعة من التابعين. -
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 214