responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 462
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي نَصْبِ قَوْلِهِ باطِلًا وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ خَلْقًا بَاطِلًا.
الثَّانِي: أَنَّهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ تَقْدِيرُهُ: بِالْبَاطِلِ أَوْ لِلْبَاطِلِ. الثَّالِثُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «بَاطِلًا» حَالًا مِنْ «هَذَا» .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: إِنَّ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ إِنَّمَا يَفْعَلُهُ لِغَرَضِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْعَبِيدِ وَلِأَجْلِ الْحِكْمَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا رِعَايَةُ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ تعالى لو لم يخلق السموات وَالْأَرْضَ لِغَرَضٍ لَكَانَ قَدْ خَلَقَهَا بَاطِلًا، وَذَلِكَ ضِدُّ هَذِهِ الْآيَةِ قَالُوا: وَظَهَرَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الَّذِي تَقُولُهُ الْمُجَبِّرَةُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أراد بخلق السموات وَالْأَرْضِ صُدُورَ الظُّلْمِ وَالْبَاطِلِ مِنْ أَكْثَرِ عِبَادِهِ وَلِيَكْفُرُوا بِخَالِقِهَا، وَذَلِكَ رَدٌّ لِهَذِهِ الْآيَةِ، قَالُوا: وَقَوْلُهُ: سُبْحانَكَ تَنْزِيهٌ لَهُ عَنْ خَلْقِهِ لَهُمَا بَاطِلًا، وَعَنْ كُلِّ قَبِيحٍ، وَذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ كَلَامًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَقَالَ: الْبَاطِلُ عِبَارَةٌ عَنِ الزَّائِلِ الذَّاهِبِ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ وَلَا صَلَابَةٌ وَلَا بقاء، وخلق السموات وَالْأَرْضِ خَلْقٌ مُتْقَنٌ مُحْكَمٌ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلُهُ: مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ [الْمُلْكِ: 3] وَقَالَ: وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً [النَّبَأِ: 12] فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هَذَا باطِلًا هَذَا الْمَعْنَى، لَا مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَزِلَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْوَجْهُ مَدْفُوعٌ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبَاطِلِ الرَّخْوَ الْمُتَلَاشِيَ لَكَانَ قَوْلُهُ:
سُبْحانَكَ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَ هَذَا الْخَلْقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ. الثَّانِي: أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْسُنُ وَصْلُ قَوْلِهِ:
فَقِنا عَذابَ النَّارِ بِهِ إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: مَا خَلَقْتَهُ بَاطِلًا بِغَيْرِ حِكْمَةٍ بَلْ خَلَقْتَهُ بِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَهِيَ أَنْ تَجْعَلَهَا مَسَاكِنَ لِلْمُكَلَّفِينَ الَّذِينَ اشْتَغَلُوا بِطَاعَتِكَ وَتَحَرَّزُوا عَنْ مَعْصِيَتِكَ، فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، لِأَنَّهُ جَزَاءُ مَنْ عَصَى وَلَمْ يُطِعْ، فَثَبَتَ أَنَّا إِذَا فَسَّرْنَا قَوْلَهُ: مَا خَلَقْتَ هَذَا باطِلًا بِمَا ذَكَرْنَا حَسُنَ هَذَا النَّظْمُ، أَمَّا إِذَا فَسَّرْنَاهُ بِأَنَّكَ خَلَقْتَهُ مُحْكَمًا شَدِيدَ التَّرْكِيبِ لَمْ يَحْسُنْ هَذَا النَّظْمُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذَا فِي آيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا [ص: 27] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ مَا خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الدُّخَانِ: 38، 39] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ مَا خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الدُّخَانِ: 38، 39] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً إِلَى قَوْلِهِ: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ [الْمُؤْمِنُونَ: 115، 116] أي فتعالى الملك كالحق عَنْ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ عَبَثًا، وَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ عَبَثًا فَبِأَنْ يَمْتَنِعَ كَوْنُهُ بَاطِلًا أَوْلَى.
وَالْجَوَابُ: اعْلَمْ أَنَّ بَدِيهَةَ الْعَقْلِ شَاهِدَةٌ بِأَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ، وَإِمَّا مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ، وَشَاهِدُهُ/ أَنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ لِذَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَنْتَهِيَ فِي رُجْحَانِهِ إِلَى الْوَاجِبِ لِذَاتِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ تَخْصِيصٌ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْمُمْكِنُ مُغَايِرًا لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، بَلْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ عَلَى عُمُومِهَا قَضِيَّةٌ يَشْهَدُ الْعَقْلُ بِصِحَّتِهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ بِقَضَاءِ اللَّهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَعْلِيلَ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَصَالِحِ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ الْوَاحِدِيِّ: قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَوْلُهُ: سُبْحانَكَ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ فِعْلِ مَا لَا شِدَّةَ فِيهِ وَلَا صَلَابَةَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ. قُلْنَا: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا رَخْوًا فَاسِدَ التَّرْكِيبِ بَلْ خَلَقْتَهُ صُلْبًا مُحْكَمًا، وَقَوْلُهُ: سُبْحانَكَ مَعْنَاهُ أَنَّكَ وَإِنْ خَلَقْتَ السموات وَالْأَرْضَ صُلْبَةً شَدِيدَةً بَاقِيَةً فَأَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ:
سُبْحانَكَ مَعْنَاهُ هَذَا. قَوْلُهُ ثَانِيًا: إِنَّمَا حَسُنَ وَصْلُ قَوْلِهِ: فَقِنا عَذابَ النَّارِ بِهِ إِذَا فَسَّرْنَاهُ بِقَوْلِنَا، قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بَلْ وَجْهُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: سُبْحانَكَ اعْتَرَفَ بِكَوْنِهِ غَنِيًّا عن كل ما سواه، فعند ما وَصَفَهُ بِالْغِنَى أَقَرَّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 462
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست