responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 463
لِنَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ: فَقِنا عَذابَ النَّارِ وَهَذَا الْوَجْهُ فِي حُسْنِ النَّظْمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرْتُمْ لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَأَمَّا سَائِرُ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ مُنَزَّهَةٌ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَوْصُوفَةً بِكَوْنِهَا عَبَثًا وَلَعِبًا وَبَاطِلًا، وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ، وَإِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ كُلَّهَا حِكْمَةٌ وَصَوَابٌ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لا يتصرف إلا في ملكه وملكه، فَكَانَ حُكْمُهُ صَوَابًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَهَذَا مَا فِي هَذِهِ الْمُنَاظَرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: احْتَجَّ حُكَمَاءُ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ هَذِهِ الْأَفْلَاكَ وَالْكَوَاكِبَ وَأَوْدَعَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا قُوًى مَخْصُوصَةً، وَجَعَلَهَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْ حَرَكَاتِهَا وَاتِّصَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مَصَالِحُ هَذَا الْعَالَمِ وَمَنَافِعُ سُكَّانِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْأَرْضِيَّةِ، قَالُوا: لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَتْ بَاطِلَةً، وَذَلِكَ رَدٌّ لِلْآيَةِ. قَالُوا: وَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْفَائِدَةُ فِيهَا الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ كُرَاتِ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ يُشَارِكُ الْأَفْلَاكَ وَالْكَوَاكِبَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى لِخُصُوصِ كَوْنِهِ فَلَكًا وَشَمْسًا وَقَمَرًا فَائِدَةٌ، فَيَكُونُ بَاطِلًا وَهُوَ خِلَافُ هَذَا النَّصِّ.
أَجَابَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَنْهُ: بِأَنْ قَالُوا: لِمَ لَا يَكْفِي فِي هَذَا الْمَعْنَى كَوْنُهَا أَسْبَابًا عَلَى مَجْرَى الْعَادَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: سُبْحانَكَ فقيه مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذَا إِقْرَارٌ بِعَجْزِ الْعُقُولِ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِآثَارِ حِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِ السموات/ وَالْأَرْضِ، يَعْنِي: أَنَّ الْخَلْقَ إِذَا تَفَكَّرُوا فِي هَذِهِ الْأَجْسَامِ الْعَظِيمَةِ لَمْ يَعْرِفُوا مِنْهَا إِلَّا هَذَا الْقَدْرَ، وَهُوَ أَنَّ خَالِقَهَا مَا خَلَقَهَا بَاطِلًا، بَلْ خَلَقَهَا لِحِكَمٍ عَجِيبَةٍ، وَأَسْرَارٍ عَظِيمَةٍ، وَإِنْ كَانَتِ الْعُقُولُ قَاصِرَةً عَنْ مَعْرِفَتِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَعْلِيمُ اللَّهِ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ الدُّعَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الدُّعَاءَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُقَدِّمَ الثَّنَاءَ ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَهُ الدُّعَاءَ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقِنا عَذابَ النَّارِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْ هَؤُلَاءِ الْعِبَادِ الْمُخْلِصِينَ أَنَّ أَلْسِنَتَهُمْ مُسْتَغْرِقَةٌ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَبْدَانَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَقُلُوبَهُمْ فِي التَّفَكُّرِ فِي دَلَائِلِ عَظَمَةِ اللَّهِ، ذَكَرَ أَنَّهُمْ مَعَ هَذِهِ الطَّاعَاتِ يَطْلُبُونَ مِنَ اللَّهِ أَنَّ يَقِيَهُمْ عَذَابَ النَّارِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يَحْسُنُ مِنَ اللَّهِ تَعْذِيبُهُمْ وَإِلَّا لَكَانَ هَذَا الدُّعَاءُ عَبَثًا، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَزِلَةُ ظَنُّوا أَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ حُجَّةٌ لَهُمْ، فَلْيَعْلَمُوا أَنَّ آخِرَ هَذِهِ الْآيَةِ حُجَّةٌ لَنَا فِي أَنَّهُ لَا يَقْبُحُ مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ أَصْلًا، وَمِثْلُ هَذَا التَّضَرُّعِ مَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشُّعَرَاءِ: 82] .
النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ دَعَوَاتِهِمْ: قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوا رَبَّهُمْ أَنْ يَقِيَهُمْ عَذَابَ النَّارِ أَتْبَعُوا ذَلِكَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ ذَلِكَ الْعِقَابِ وَشِدَّتِهِ وَهُوَ الْخِزْيُ، لِيَكُونَ مَوْقِعُ السُّؤَالِ أَعْظَمَ، لِأَنَّ مَنْ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا أَوْ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، إِذَا شَرَحَ عِظَمَ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ وَقُوَّتَهُ كَانَتْ دَاعِيَتُهُ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءِ أَكْمَلَ وَإِخْلَاصُهُ فِي طَلَبِهِ أَشَدَّ، وَالدُّعَاءُ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِجَابَةِ إلا إذا كان مقروناً بالإخلاص، فَهَذَا تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ عِبَادَهُ فِي كَيْفِيَّةِ إِيرَادِ الدُّعَاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْإِخْزَاءُ فِي اللُّغَةِ يَرِدُ عَلَى مَعَانٍ يَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست