responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 401
وَيَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي لِفَائِدَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَكُونُ لَازِمَ الْحُصُولِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ حَدَثَ أَوْ هُوَ حَادِثٌ قال تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل: 1] وَقَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ [الزُّمَرِ: 30] فَهُنَا لَوْ وَقَعَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِلَفْظِ الْمُسْتَقِلِّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبَالَغَةٌ أَمَّا لَمَّا وَقَعَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ جِدَّهُمْ وَاجْتِهَادَهُمْ فِي تَقْرِيرِ الشُّبْهَةِ قَدْ بَلَغَ/ الْغَايَةَ، وَصَارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْجِدِّ هَذَا الْمُسْتَقْبَلُ كَالْكَائِنِ الْوَاقِعِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَبَّرَ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارَ عَنْ صُدُورِ هَذَا الْكَلَامِ، بَلِ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ عَنْ جِدِّهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ، فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْجَوَابِ: أَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ عَلَى سَبِيلِ حِكَايَةِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ إِخْوَانَهُمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ، فَالْكَافِرُونَ يَقُولُونَ لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا، فَمَنْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ: قَالُوا، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا: خَرَجَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى سَبِيلِ حِكَايَةِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَالَ قطرب: كلمة «إذا» وإذا، يَجُوزُ إِقَامَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْأُخْرَى، وَأَقُولُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ قُطْرُبٌ كَلَامٌ حَسَنٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّا إِذَا جَوَّزْنَا إِثْبَاتَ اللُّغَةِ بِشِعْرٍ مَجْهُولٍ مَنْقُولٍ عَنْ قَائِلٍ مَجْهُولٍ، فَلَأَنْ يَجُوزُ إِثْبَاتُهَا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ «إذ» حقيقة في المستقبل، ولكن لم لا يحوز اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَاضِي عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلِمَةِ «إِذْ» مِنَ الْمُشَابَهَةِ الشَّدِيدَةِ؟ وَكَثِيرًا أَرَى النَّحْوِيِّينَ يَتَحَيَّرُونَ فِي تَقْرِيرِ الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا اسْتَشْهَدُوا فِي تَقْرِيرِهِ بِبَيْتٍ مَجْهُولٍ فَرِحُوا بِهِ، وَأَنَا شَدِيدُ التَّعَجُّبِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ إِذَا جَعَلُوا وُرُودَ ذَلِكَ الْبَيْتِ الْمَجْهُولِ عَلَى وَفْقِهِ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ، فَلِأَنْ يَجْعَلُوا وُرُودَ الْقُرْآنِ بِهِ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ كَانَ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: غُزًّى جَمْعُ غَازٍ، كَالْقُوَّلِ وَالرُّكَّعِ وَالسُّجَّدِ، جَمْعِ قَائِلٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، وَمِثْلُهُ مِنَ النَّاقِصِ «عَفَا» وَيَجُوزُ أَيْضًا: غُزَاةٌ، مِثْلَ قُضَاةٍ وَرُمَاةٍ فِي جَمْعِ الْقَاضِي وَالرَّامِي، وَمَعْنَى الْغَزْوِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَصْدُ الْعَدُوِّ، وَالْمَغْزَى الْمَقْصِدُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ: فِي الْآيَةِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَالتَّقْدِيرُ: إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ فَمَاتُوا أَوْ كَانُوا غُزَاةً فَقُتِلُوا، لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا، فَقَوْلُهُ: مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا يَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِمْ وَقَتْلِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّقْدِيرَ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ الْكَلَامَ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْكَلَامَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ، مِثْلَ مَا يُقَالُ: رَبَّيْتُهُ لِيُؤْذِيَنِي وَنَصَرْتُهُ لِيَقْهَرَنِي وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [الْقَصَصِ: 8] إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: ذَكَرُوا فِي بَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَيْفَ اسْتَعْقَبَ حُصُولَ الْحَسْرَةِ فِي قُلُوبِهِمْ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ: أَنَّ أَقَارِبَ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ إِذَا سَمِعُوا هَذَا الْكَلَامَ ازْدَادَتِ الْحَسْرَةُ فِي قُلُوبِهِمْ، لِأَنَّ أَحَدَهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَوْ بَالَغَ فِي مَنْعِهِ عَنْ ذَلِكَ السَّفَرِ وَعَنْ ذَلِكَ الْغَزْوِ لَبَقِيَ، فَذَلِكَ الشَّخْصُ إِنَّمَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ بِسَبَبِ أَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ قَصَّرَ فِي/ مَنْعِهِ، فَيَعْتَقِدُ السَّامِعُ لِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسَبَّبَ إِلَى مَوْتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ أَوْ قَتَلَهُ، وَمَتَى اعْتَقَدَ فِي نَفْسِهِ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَزْدَادُ حَسْرَتُهُ وَتَلَهُّفُهُ، أَمَّا الْمُسْلِمُ الْمُعْتَقِدُ فِي أَنَّ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ، لَمْ يَحْصُلْ أَلْبَتَّةَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست