responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 402
النَّوْعِ مِنَ الْحَسْرَةِ، فَثَبَتَ أَنَّ تِلْكَ الشُّبْهَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُنَافِقُونَ لَا تُفِيدُهُمْ إِلَّا زِيَادَةَ الْحَسْرَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا أَلْقَوْا هَذِهِ الشُّبْهَةَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ تَثَبَّطُوا عَنِ الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ وَتَخَلَّفُوا عَنْهُ، فَإِذَا اشْتَغَلَ الْمُسْلِمُونَ بِالْجِهَادِ وَالْغَزْوِ، وَوَصَلُوا بِسَبَبِهِ إِلَى الْغَنَائِمِ الْعَظِيمَةِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَالْفَوْزِ بِالْأَمَانِيِّ، بَقِيَ ذَلِكَ الْمُتَخَلِّفُ عِنْدَ ذَلِكَ فِي الْخَيْبَةِ وَالْحَسْرَةِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الْحَسْرَةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ إِذَا رَأَوْا تَخْصِيصَ اللَّهِ الْمُجَاهِدِينَ بِمَزِيدِ الْكَرَامَاتِ وَإِعْلَاءِ الدَّرَجَاتِ، وَتَخْصِيصَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِمَزِيدِ الْخِزْيِ وَاللَّعْنِ وَالْعِقَابِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا أَوْرَدُوا هَذِهِ الشُّبْهَةُ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَوَجَدُوا مِنْهُمْ قَبُولًا لَهَا، فَرِحُوا بِذَلِكَ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَاجَ كَيْدُهُمْ وَمَكْرُهُمْ عَلَى أُولَئِكَ الضَّعَفَةِ، فَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّهُ سَيَصِيرُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْبَاطِلِ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ جِدَّهُمْ وَاجْتِهَادَهُمْ فِي تَكْثِيرِ الشُّبُهَاتِ وَإِلْقَاءِ الضَّلَالَاتِ يُعْمِي قُلُوبَهُمْ فَيَقَعُونَ عِنْدَ ذَلِكَ فِي الْحَيْرَةِ وَالْخَيْبَةِ وَضِيقِ الصَّدْرِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَسْرَةِ، كَقَوْلِهِ: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً [الْأَنْعَامِ: 125] .
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُمْ مَتَى أَلْقَوْا هَذِهِ الشُّبْهَةَ عَلَى أَقْوِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ فَيَضِيعُ سَعْيُهُمْ وَيَبْطُلُ كَيْدُهُمْ فَتَحْصُلُ الْحَسْرَةُ فِي قُلُوبِهِمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: لِيَجْعَلَ اللَّهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّهْيُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَكُونُوا مِثْلَهُمْ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ انْتِفَاءَ كَوْنِكُمْ مِثْلَهُمْ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ، لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ فِيمَا يَقُولُونَ وَيَعْتَقِدُونَ وَمُضَادَّتَهُمْ مِمَّا يَغِيظُهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بَيَانُ الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمُحْيِيَ وَالْمُمِيتَ هُوَ اللَّهُ، وَلَا تَأْثِيرَ لِشَيْءٍ آخَرَ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يَتَغَيَّرُ، وَأَنَّ حُكْمَهُ لَا يَنْقَلِبُ، وَأَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَبَدَّلُ، فَكَيْفَ يَنْفَعُ الْجُلُوسُ فِي الْبَيْتِ مِنَ الْمَوْتِ؟
فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لَا يَتَبَدَّلُ يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ مُفِيدًا فِي الْحَذَرِ عَنِ الْقَتْلِ وَالْمَوْتِ، فَكَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لَا يَتَبَدَّلُ وَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ مُفِيدًا فِي/ الِاحْتِرَازِ عَنْ عِقَابِ الْآخِرَةِ، وَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ لُزُومِ التَّكْلِيفِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ تَقْرِيرُ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ وَالتَّكْلِيفِ، وَإِذَا كَانَ الْجَوَابُ يُفْضِي بِالْآخِرَةِ إِلَى سُقُوطِ التَّكْلِيفِ كان هذا الكلام يفضي ثُبُوتُهُ إِلَى نَفْيِهِ فَيَكُونُ بَاطِلًا.
الْجَوَابُ: أَنَّ حُسْنَ التَّكْلِيفِ عِنْدَنَا غَيْرُ مُعَلَّلٍ بِعِلَّةٍ وَرِعَايَةِ مَصْلَحَةٍ، بَلْ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ: أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الْجَوَابَ عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ بَلِ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَقُولُوا مِثْلَ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ: وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ يُرِيدُ: يُحْيِي قُلُوبَ أَوْلِيَائِهِ وَأَهِلِ طَاعَتِهِ بِالنُّورِ وَالْفُرْقَانِ، وَيُمِيتُ قُلُوبَ أَعْدَائِهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ طَرِيقَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَطَرِيقَةِ المنافقين.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست