responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 400
الْمَوْتِ فَلَأَنْ يُقْتَلَ فِي الْجِهَادِ حَتَّى يَسْتَوْجِبَ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ، كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُوتَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: كَالَّذِينَ كَفَرُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ كَافِرٍ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا مُخْتَصَّةٌ بِشَرْحِ أَحْوَالِهِمْ، وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا مُخْتَصٌّ بعبد الله بن أبي بن سَلُولَ، وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنِ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ، كَمَا تَقُولُ الكرامية إذا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْمُنَافِقُ مُؤْمِنًا، وَلَوْ كَانَ مُؤْمِنًا لَمَا سَمَّاهُ اللَّهُ كَافِرًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : قَوْلُهُ: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ أَيْ لِأَجْلِ إِخْرَاجِهِمْ كَقَوْلِهِ: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ [الْأَحْقَافِ: 11] وَأَقُولُ: تَقْرِيرُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُمْ/ لَمَّا قَالُوا لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُولَئِكَ الْإِخْوَانَ كَانُوا مَيِّتِينَ وَمَقْتُولِينَ عِنْدَ هَذَا الْقَوْلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ هُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ لِأَجْلِ إِخْوَانِهِمْ، وَلَا يَكُونُ الْمُرَادُ هُوَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا هَذَا القول مع إخوانهم.
المسألة الثالثة: قوله: (إخوانهم) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأُخُوَّةَ فِي النَّسَبِ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً [الْأَعْرَافِ: 65] وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً [الْأَعْرَافِ: 73] فَإِنَّ الْأُخُوَّةَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أُخُوَّةُ النَّسَبِ لَا أُخُوَّةُ الدِّينِ، فَلَعَلَّ أُولَئِكَ الْمَقْتُولِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مِنْ أَقَارِبِ الْمُنَافِقِينَ، فَالْمُنَافِقُونَ ذَكَرُوا هَذَا الْكَلَامَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ الْمُشَاكَلَةَ فِي الدِّينِ، وَاتَّفَقَ إِلَى أَنْ صَارَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ مَقْتُولًا فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ فَالَّذِينَ بَقُوا مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالُوا ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمُنَافِقُونَ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُمْ لِسَفَرٍ بَعِيدٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ وَالْخَارِجَ إِلَى الْغَزْوِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَوْ كانُوا غُزًّى إِذَا نَالَهُمْ مَوْتٌ أَوْ قَتْلٌ فَذَلِكَ إِنَّمَا نَالَهُمْ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَالْغَزْوِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ سَبَبًا لِتَنْفِيرِ النَّاسِ عَنِ الْجِهَادِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الطِّبَاعِ مَحَبَّةَ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ وَالْقَتْلِ، فَإِذَا قِيلَ لِلْمَرْءِ: إِنْ تَحَرَّزْتَ مِنَ السَّفَرِ وَالْجِهَادِ فَأَنْتَ سَلِيمٌ طَيِّبُ الْعَيْشِ، وَإِنْ تَقَحَّمْتَ أَحَدَهُمَا وَصَلْتَ إِلَى الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ، فَالْغَالِبُ أَنَّهُ يَنْفِرُ طَبْعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَرْغَبُ فِي مُلَازَمَةِ الْبَيْتِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ مَكَايِدِ الْمُنَافِقِينَ فِي تَنْفِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْجِهَادِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا ذكر بعض الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الْغَزْوَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ؟
قُلْنَا: لِأَنَّ الضَّرْبَ فِي الْأَرْضِ يُرَادُ بِهِ الْإِبْعَادُ فِي السَّفَرِ، لَا مَا يَقْرُبُ مِنْهُ، وَفِي الْغَزْوِ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَعِيدِهِ وَقَرِيبِهِ، إِذِ الْخَارِجُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى جَبَلِ أُحُدٍ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ ضَارِبٌ فِي الْأَرْضِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَإِنْ كَانَ غَازِيًا، فَهَذَا فَائِدَةُ إِفْرَادِ الْغَزْوِ عَنِ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي الْآيَةِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ يَدُلُّ عَلَى الْمَاضِي، وَقَوْلَهُ: إِذا ضَرَبُوا يَدُلُّ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ بَلْ لَوْ قَالَ: وَقَالُوا لِإِخْوَانُهُمْ إِذْ ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ، أَيْ حِينَ ضَرَبُوا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِشْكَالٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أن قوله: قالُوا تَقْدِيرُهُ: يَقُولُونَ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينِ كفروا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست