responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 333
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: (يَتْلُونَ وَيُؤْمِنُونَ) فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ صِفَتَانِ لِقَوْلِهِ أُمَّةٌ أَيْ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ تَالُونَ مُؤْمِنُونَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: التِّلَاوَةُ الْقِرَاءَةُ وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الِاتِّبَاعِ فَكَأَنَّ التِّلَاوَةَ هِيَ اتِّبَاعُ اللَّفْظِ اللَّفْظَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: آيَاتُ اللَّهِ قَدْ يُرَادُ بِهَا آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا أَصْنَافُ مَخْلُوقَاتِهِ الَّتِي هِيَ دَالَّةٌ عَلَى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْأُولَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: آناءَ اللَّيْلِ أصلها في اللغة الأوقات والساعات وواحدها إنا، مِثْلُ: مِعَى وَأَمْعَاءٍ وَإِنْيٌ مِثْلُ نِحْيٍ وَأَنْحَاءِ، مَكْسُورُ الْأَوَّلِ سَاكِنُ الثَّانِي، قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ، كَأَنَّ الثَّانِي مَأْخُوذٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ انْتِظَارُ السَّاعَاتِ وَالْأَوْقَاتِ،
وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَخَّرَ الْمَجِيءَ إِلَى الْجُمُعَةِ «آذَيْتَ وَآنَيْتَ»
أَيْ دَافَعْتَ الْأَوْقَاتَ.
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُمْ يَسْجُدُونَ وَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا من التلاوة كأنهم يقرؤن الْقُرْآنَ فِي السَّجْدَةِ مُبَالَغَةً فِي الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ إِلَّا أَنَّ الْقَفَّالَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَى فِي «تَفْسِيرِهِ» حَدِيثًا: أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا»
الثَّانِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَقُومُونَ تَارَةً يَبْتَغُونَ الْفَضْلَ وَالرَّحْمَةَ بِأَنْوَاعِ مَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً [الْفُرْقَانِ: 64] وَقَوْلِهِ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزُّمَرِ: 9] قَالَ الْحَسَنُ: يُرِيحُ رَأْسَهُ بِقَدَمَيْهِ وَقَدَمَيْهِ بِرَأْسِهِ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى إِرَادَةِ الرَّاحَةِ وَإِزَالَةِ التَّعَبِ وَإِحْدَاثِ النَّشَاطِ الثَّالِثُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَصَفَهُمْ بِالتَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَالصَّلَاةُ تُسَمَّى سُجُودًا وَسَجْدَةً وَرُكُوعًا وَرَكْعَةً وَتَسْبِيحًا وَتَسْبِيحَةً، قَالَ تَعَالَى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [الْبَقَرَةِ: 43] أَيْ صَلُّوا وَقَالَ: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الرُّومِ: 17] وَالْمُرَادُ الصَّلَاةُ الرَّابِعُ:
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ أَيْ يَخْضَعُونَ وَيَخْشَعُونَ لِلَّهِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْخُشُوعَ سُجُودًا كَقَوْلِهِ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ [النحل: 49] وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ ذَكَرَهَا الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ.
الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا أَيْضًا يَقُومُونَ/ فِي اللَّيَالِي لِلتَّهَجُّدِ وَقِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ، فَلَمَّا مَدَحَ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّهَجُّدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ يَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ بِجَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَالْإِيمَانَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ يَسْتَلْزِمُ الْحَذَرَ مِنَ الْمَعَاصِي، وَهَؤُلَاءِ الْيَهُودُ يُنْكِرُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَلَا يَحْتَرِزُونَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمُ الْإِيمَانُ بِالْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ كَمَالَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَعْرِفَ الْحَقَّ لِذَاتِهِ، وَالْخَيْرَ لِأَجْلِ الْعَمَلِ بِهِ، وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةُ وَأَفْضَلُ الْأَذْكَارِ ذِكْرُ اللَّهِ، وَأَفْضَلُ الْمَعَارِفِ مَعْرِفَةُ الْمَبْدَأِ وَمَعْرِفَةُ الْمَعَادِ، فَقَوْلُهُ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الصَّادِرَةِ عَنْهُمْ وَقَوْلُهُ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِشَارَةٌ إِلَى فَضْلِ الْمَعَارِفِ الْحَاصِلَةِ فِي قُلُوبِهِمْ فَكَانَ هَذَا إِشَارَةً إِلَى كَمَالِ حَالِهِمْ فِي الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ وَفِي الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ، وَذَلِكَ أَكْمَلُ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: إِنَّهَا آخِرُ دَرَجَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَأَوَّلُ دَرَجَاتِ الْمَلَكِيَّةِ.
الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ.
الصِّفَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِي الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَ تَامًّا وَفَوْقَ التَّمَامِ فَكَوْنُ الْإِنْسَانِ تَامًّا لَيْسَ إِلَّا فِي كَمَالِ قُوَّتِهِ الْعَمَلِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَكَوْنُهُ فَوْقَ التَّمَامِ أَنْ يَسْعَى فِي تَكْمِيلِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست