responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 323
وابن الزبير أنهما قرءا: أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَالثَّانِي: الرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي سَبَبِ النُّزُولِ فَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ يَحْتَرِزُونَ مِنَ التِّجَارَةِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ بَالَغُوا فِي تَرْكِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ التَّاجِرَ فِي الْحَجِّ: الدَّاجَّ وَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ الدَّاجُّ، وَلَيْسُوا بِالْحَاجِّ، وَمَعْنَى الدَّاجِّ: الْمُكْتَسِبُ الْمُلْتَقِطُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الدَّجَاجَةِ، وَبَالَغُوا فِي الِاحْتِرَازِ عَنِ الْأَعْمَالِ، إِلَى أَنِ امْتَنَعُوا عَنْ إِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، وَإِغَاثَةِ الضَّعِيفِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ، فَأَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْوَهْمَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ، وَمَا بَعْدَهَا أَيْضًا فِي الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَاقِعٌ فِي زَمَانِ الْحَجِّ، فَلِهَذَا السَّبَبِ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: مَا
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ إِنَّا قَوْمٌ نُكْرِي وَإِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا حَجَّ لَنَا، فَقَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَأَلْتَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فَدَعَاهُ وَقَالَ:
أَنْتُمْ حُجَّاجٌ
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ: لَا حَجَّ لِلتُّجَّارِ وَالْأُجَرَاءِ وَالْجَمَّالِينَ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ عُكَاظَ وَمَجَنَّةَ وَذَا الْمَجَازِ كَانُوا يَتِّجِرُونَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ فِيهَا، وَكَانَتْ مَعَايِشُهُمْ مِنْهَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْحَجِّ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَبَايَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَلَا مِنًى، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
إِذَا ثَبَتَ صِحَّةُ هَذَا الْقَوْلِ فَنَقُولُ: أَكْثَرُ الذَّاهِبِينَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ حَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى التِّجَارَةِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ، وَأَمَّا أَبُو مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى مَا بَعْدَ الْحَجِّ، قَالَ وَالتَّقْدِيرُ: فَاتَّقُونِ فِي كُلِّ أَفْعَالِ الْحَجِّ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الْجُمُعَةِ: 10] .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هذه الإفاضة حصلت بعد انتفاء الْفَضْلِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ التِّجَارَةِ فِي زَمَانِ الْحَجِّ/ وَثَانِيهَا: أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا لَا عَلَى مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ الشُّبْهَةِ هُوَ التِّجَارَةُ فِي زَمَنِ الْحَجِّ، فَأَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْحَجِّ فَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ حِلَّ التِّجَارَةِ.
أَمَّا مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ قِيَاسِ الْحَجِّ عَلَى الصَّلَاةِ فَجَوَابُهُ: أَنَّ الصَّلَاةَ أَعْمَالُهَا مُتَّصِلَةٌ فَلَا يَصِحُّ فِي أَثْنَائِهَا التَّشَاغُلُ بِغَيْرِهَا، وَأَمَّا أَعْمَالُ الْحَجِّ فَهِيَ مُتَفَرِّقَةٌ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ، فَفِي خِلَالِهَا يَبْقَى الْمَرْءُ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا لَا يُقَالُ: بَلْ حُكْمُ الْحَجِّ بَاقٍ فِي كُلِّ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ، بِدَلِيلِ أَنَّ حُرْمَةَ التَّطَيُّبِ وَاللُّبْسِ وَأَمْثَالِهِمَا بَاقِيَةٌ، لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَيَكُونُ سَاقِطًا.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ:
أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ هُوَ أَنْ يَبْتَغِيَ الْإِنْسَانُ حَالَ كَوْنِهِ حَاجًّا أَعْمَالًا أُخْرَى تَكُونُ مُوجِبَةً لِاسْتِحْقَاقِ فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ مِثْلَ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْسُوبٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ،
وَاعْتَرَضَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ، وَلَا يُقَالُ فِي مِثْلِهِ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْمُبَاحَاتِ.
وَالْجَوَابُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُذْكَرُ إِلَّا فِي الْمُبَاحَاتِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست