responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 322
الْمَلَائِكَةِ، وَاسْتَعَدَّ بِهِ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ، وَشَرِّ الشَّرَّيْنِ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْعَقْلِ، وَالْقَلْبُ قَدْ يُجْعَلُ كِنَايَةً عَنِ الْعَقْلِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي/ ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37] فكذا هاهنا جعل اللب كناية عن العقل، فقوله: يا أُولِي الْأَلْبابِ مَعْنَاهُ: يَا أُولِي الْعُقُولِ، وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ مَجَازٌ مَشْهُورٌ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ لَهُ غَيْرَةٌ وَحَمِيَّةٌ: فُلَانٌ لَهُ نَفْسٌ، وَلِمَنْ لَيْسَ لَهُ حَمِيَّةٌ: فُلَانٌ لَا نَفْسَ له فكذا هاهنا.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ لَا يَصِحُّ إِلَّا خطاب العقلاء فما الفائدة في قوله: يا أُولِي الْأَلْبابِ.
قُلْنَا: مَعْنَاهُ: إِنَّكُمْ لَمَّا كُنْتُمْ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ كُنْتُمْ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْعَمَلِ بِهَا فَكَانَ وُجُوبُهَا عَلَيْكُمْ أَثْبَتَ وَإِعْرَاضُكُمْ عَنْهَا أَقْبَحَ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ شَيْئًا ... كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الْأَعْرَافِ: 179] يَعْنِي الْأَنْعَامُ مَعْذُورَةٌ بِسَبَبِ الْعَجْزِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ الْقَادِرُونَ فَكَانَ إِعْرَاضُهُمْ أفحش، فلا جرم كانوا أضل.

[سورة البقرة (2) : آية 198]
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْآيَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِي أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا وَاللَّهُ أعلم.
المسألة الثانية: اعلم أن الشبهة كان حَاصِلَةً فِي حُرْمَةِ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى مَنَعَ عَنِ الْجِدَالِ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَالتِّجَارَةُ كَثِيرَةُ الْإِفْضَاءِ إِلَى الْمُنَازَعَةِ بِسَبَبِ الْمُنَازَعَةِ فِي قِلَّةِ الْقِيمَةِ وَكَثْرَتِهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ مُحَرَّمَةً وَقْتَ الْحَجِّ وَثَانِيهَا: أَنَّ التِّجَارَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً وَقْتَ الْحَجِّ فِي دِينِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَظَاهِرُ ذَلِكَ شَيْءٌ مُسْتَحْسَنٌ لِأَنَّ الْمُشْتَغِلَ بِالْحَجِّ مُشْتَغِلٌ بِخِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَلَطَّخَ هَذَا الْعَمَلُ مِنْهُ بِالْأَطْمَاعِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ صَارَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُبَاحَاتِ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِمْ فِي وَقْتِ الْحَجِّ، كَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْأَهْلِ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّ الْحَجَّ لَمَّا صَارَ سَبَبًا لِحُرْمَةِ اللُّبْسِ مَعَ مَسَاسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَبِأَنْ يَصِيرَ سَبَبًا لِحُرْمَةِ التِّجَارَةِ مَعَ قِلَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَانَ أَوْلَى وَرَابِعُهَا: عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ يَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِسَائِرِ الطَّاعَاتِ فَضْلًا عَنِ الْمُبَاحَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي الْحَجِّ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ تَصْلُحُ أَنْ تَصِيرَ شُبْهَةً فِي تَحْرِيمِ الِاشْتِغَالِ بِالتِّجَارَةِ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِالْحَجِّ، فَلِهَذَا السَّبَبِ بَيَّنَ الله تعالى/ هاهنا أَنَّ التِّجَارَةَ جَائِزَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْمُفَسِّرُونَ ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ التِّجَارَةُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الْمُزَّمِلِ: 20] وَقَوْلُهُ: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ [الْقَصَصِ: 73] ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّفْسِيرِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: مَا رَوَى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست