responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 324
جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ
[النساء: 101] والقصر بالإنفاق مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ، وَأَيْضًا فَأَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ضَمَّ سَائِرِ الطَّاعَاتِ إِلَى الْحَجِّ يُوقِعُ خَلَلًا فِي الْحَجِّ وَنَقْصًا فِيهِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تعالى أن الأمر ليس كذلك بقوله: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ [الممتحنة: 10] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التِّجَارَةَ إِذَا أَوْقَعَتْ نُقْصَانًا فِي الطَّاعَةِ لَمْ تَكُنْ مُبَاحَةً، أَمَّا إِنْ لَمْ تُوقِعْ نُقْصَانًا أَلْبَتَّةَ فِيهَا فَهِيَ مِنَ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي الْأَوْلَى تَرْكُهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الْبَيِّنَةِ: 5] وَالْإِخْلَاصُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ حَامِلٌ عَلَى الْفِعْلِ سِوَى كَوْنِهِ عِبَادَةً،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِذْنَ فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ جَارٍ مَجْرَى الرخص.
قوله تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْإِفَاضَةُ الِانْدِفَاعُ فِي السَّيْرِ بِكَثْرَةٍ، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَفَاضَ الْبَعِيرُ بِجَرَّتِهِ، إِذَا وَقَعَ بِهَا فَأَلْقَاهَا مُنْبَثَّةً، وَكَذَلِكَ أَفَاضَ الْأَقْدَاحَ فِي الْمَيْسِرِ، مَعْنَاهُ جَمَعَهَا ثُمَّ أَلْقَاهَا مُتَفَرِّقَةً، وَإِفَاضَةُ الْمَاءِ مِنْ هَذَا لِأَنَّهُ إِذَا صُبَّ تَفَرَّقَ وَالْإِفَاضَةُ فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا هِيَ الِانْدِفَاعُ فِيهِ بِإِكْثَارٍ وَتَصَرُّفٍ فِي وُجُوهِهِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يُونُسَ: 61] وَمِنْهُ يُقَالُ لِلنَّاسِ: فَوْضٌ، وَأَيْضًا جَمْعُهُمْ فَوْضَى وَيُقَالُ: أَفَاضَتِ الْعَيْنُ دَمْعَهَا فَأَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الدَّفْعُ لِلشَّيْءِ حَتَّى يَتَفَرَّقَ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَضْتُمْ أَيْ دَفَعْتُمْ بِكَثْرَةٍ، وَأَصْلُهُ أَفَضْتُمْ أَنْفُسَكُمْ، فَتَرَكَ ذِكْرَ الْمَفْعُولِ، كَمَا تَرَكَ فِي قَوْلِهِمْ: دَفَعُوا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَصَبُّوا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَنَزَلَ فِي وَادِي قَيْرَوَانَ وَهُوَ يَخْدِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: عَرَفاتٍ جُمَعُ عَرَفَةَ، سُمِّيَتْ بِهَا بُقْعَةٌ وَاحِدَةٌ، كَقَوْلِهِمْ: ثَوْبٌ أَخْلَاقٌ، وَبُرْمَةٌ أَعْشَارٌ، وَأَرْضٌ سَبَاسِبٌ، وَالتَّقْدِيرُ: كَأَنَّ كُلَّ قِطْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ عَرَفَةُ فَسُمِّيَ مَجْمُوعُ تِلْكَ الْقِطَعِ بِعَرَفَاتٍ، فَإِنْ قِيلَ:
هَلَّا مُنِعَتْ مِنَ الصَّرْفِ وَفِيهَا السَّبَبَانِ: التَّعْرِيفُ وَالتَّأْنِيثُ قُلْنَا: هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِقِطَعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْأَرْضِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مُسَمَّاةٌ بِعَرَفَةَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَمْ يَكُنْ عَلَمًا ثُمَّ جُعِلَتْ عَلَمًا لِمَجْمُوعِ تِلْكَ الْقِطَعِ فَتَرَكُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهَا فِي عَدَمِ الصَّرْفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اعْلَمْ أَنَّ الْيَوْمَ الثَّامِنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ يُسَمَّى بِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَالْيَوْمَ التَّاسِعَ مِنْهُ يُسَمَّى بِيَوْمِ عَرَفَةَ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الْمَخْصُوصُ سُمِّيَ بِعَرَفَاتٍ، وَذَكَرُوا فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وُجُوهًا أَمَّا يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: مِنْ رَوَى يَرْوِي تَرْوِيَةً، إِذَا تَفَكَّرَ وَأَعْمَلَ فِكْرَهُ وَرَوِيَّتَهُ وَالثَّانِي: مِنْ رَوَاهُ مِنَ الْمَاءِ يَرْوِيهِ إِذَا سَقَاهُ مِنْ عَطَشٍ أَمَّا الْأَوَّلُ: فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا:
أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا بَنَاهُ تَفَكَّرَ فَقَالَ: رَبِّ إِنَّ لِكُلِّ عَامِلٍ أَجْرًا فَمَا أَجْرِي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ؟ قَالَ: إِذَا طُفْتَ بِهِ غَفَرْتُ لَكَ ذُنُوبَكَ بِأَوَّلِ شَوْطٍ مِنْ طَوَافِكَ، قَالَ:
يَا رَبِّ زِدْنِي قَالَ: أَغْفِرُ لِأَوْلَادِكَ إِذَا طَافُوا بِهِ، قَالَ: زِدْنِي قَالَ: أَغْفِرُ لِكُلِّ مَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الطَّائِفُونَ مِنْ مُوَحِّدِي أَوْلَادِكَ، قَالَ: حَسْبِي يَا رَبِّ حَسْبِي
وَثَانِيهَا: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى فِي مَنَامِهِ لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ كَأَنَّهُ يَذْبَحُ ابْنَهُ فَأَصْبَحَ مُفَكِّرًا هَلْ هَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنَ الشَّيْطَانِ؟ فَلَمَّا رَآهُ لَيْلَةَ عَرَفَةَ يُؤْمَرُ بِهِ أَصْبَحَ فَقَالَ: عَرَفْتُ يَا رَبِّ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِكَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَخْرُجُونَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِلَى مِنًى فَيَرْوُونَ فِي الْأَدْعِيَةِ الَّتِي يُرِيدُونَ أَنْ يَذْكُرُوهَا فِي غَدِهِمْ بِعَرَفَاتٍ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست