responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 88
[النِّسَاءِ: 41] . وَثَالِثُهَا: شَهَادَةُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً. قَالَ تَعَالَى: وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ [الزُّمَرِ: 69] وَقَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ [غَافِرٍ: 51] . وَرَابِعُهَا: شَهَادَةُ الْجَوَارِحِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بَلْ أَعْجَبُ مِنْهُ قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ [النُّورِ: 24] الْآيَةَ، وَقَالَ: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ [يس: 65] الْآيَةَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ أَدَاءَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْمُشَاهَدَةَ وَالشُّهُودَ هُوَ الرُّؤْيَةُ يُقَالُ:
شَاهَدْتُ كَذَا إِذَا رَأَيْتَهُ وَأَبْصَرْتَهُ، وَلَمَّا كَانَ بَيْنَ الْإِبْصَارِ بِالْعَيْنِ وَبَيْنَ الْمَعْرِفَةِ بِالْقَلْبِ مُنَاسِبَةٌ شَدِيدَةٌ لَا جَرَمَ قَدْ تُسَمَّى الْمَعْرِفَةُ الَّتِي فِي الْقَلْبِ: مُشَاهَدَةً وَشُهُودًا، وَالْعَارِفُ بِالشَّيْءِ: شَاهِدًا وَمُشَاهِدًا، ثُمَّ سُمِّيَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ: شَاهِدًا عَلَى الشَّيْءِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي بِهَا صَارَ الشَّاهِدُ شَاهِدًا، وَلَمَّا كَانَ الْمُخْبِرُ عَنِ الشَّيْءِ وَالْمُبَيِّنُ لِحَالِهِ جَارِيًا مَجْرَى الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ سُمِّيَ ذَلِكَ/ الْمُخْبِرُ أَيْضًا شَاهِدًا، ثُمَّ اخْتَصَّ هَذَا اللَّفْظُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ بِمَنْ يُخْبِرُ عَنْ حُقُوقِ النَّاسِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى جِهَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّ كُلَّ مَنْ عَرَفَ حَالَ شَيْءٍ وَكَشَفَ عَنْهُ كَانَ شَاهِدًا عَلَيْهِ وَاللَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالشَّهَادَةِ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا لَا جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُمْ عُدُولًا فِي الدُّنْيَا لِأَجْلِ أَنْ يَكُونُوا شُهَدَاءَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونُوا شُهَدَاءَ فِي الدُّنْيَا، إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُمْ عُدُولًا فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي فَلَا أَقَلَّ مِنْ حُصُولِهِ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي صَيْرُورَتَهُمْ شُهُودًا فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ رَتَّبَ كَوْنَهُمْ شُهَدَاءَ عَلَى صَيْرُورَتِهِمْ وَسَطًا تَرْتِيبَ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ، فَإِذَا حَصَلَ وَصْفُ كَوْنِهِمْ وَسَطًا فِي الدُّنْيَا وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ وَصْفُ كَوْنِهِمْ شُهَدَاءَ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ قِيلَ: تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا فِي الدُّنْيَا، وَمُتَحَمِّلُ الشَّهَادَةِ قَدْ يُسَمَّى شَاهِدًا وَإِنْ كَانَ الْأَدَاءُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا فِي الْقِيَامَةِ قُلْنَا: الشَّهَادَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْآيَةِ لَا التَّحَمُّلُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَعَالَى اعْتَبَرَ الْعَدَالَةَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالشَّهَادَةُ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ، هِيَ الْأَدَاءُ لَا التَّحَمُّلُ، فَثَبَتَ أَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الْأُمَّةِ مُؤَدِّينَ لِلشَّهَادَةِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ الْأُمَّةِ إِذَا أَخْبَرُوا عَنْ شَيْءٍ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ حُجَّةً وَلَا مَعْنًى لِقَوْلِنَا الْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ إِلَّا هَذَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ لَا يُبْطِلُ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّا بَيَّنَّا بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْأُمَّةَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونُوا شُهُودًا فِي الدُّنْيَا وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهُمْ شُهُودًا فِي الْقِيَامَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ عِنْدَ الْإِجْمَاعِ حُجَّةٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ قَوْلَهُمْ: عِنْدَ الْإِجْمَاعِ يُبَيَّنُ لِلنَّاسِ الْحَقُّ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً يَعْنِي مُؤَدِّيًا وَمُبَيِّنًا، ثُمَّ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَحْصُلَ مَعَ ذَلِكَ لَهُمُ الشَّهَادَةُ فِي الْآخِرَةِ فَيَجْرِي الْوَاقِعُ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا مَجْرَى التَّحَمُّلِ لِأَنَّهُمْ إِذَا أَثْبَتُوا الْحَقَّ عَرَفُوا عِنْدَهُ مَنِ الْقَابِلُ وَمَنِ الرَّادُّ، ثُمَّ يَشْهَدُونَ بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَى الْعُقُودِ يَعْرِفُ مَا الَّذِي تَمَّ وَمَا الَّذِي لَمْ يَتِمَّ ثُمَّ يَشْهَدُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ ظَهَرَ كُفْرُهُ وَفِسْقُهُ نَحْوَ الْمُشَبِّهَةِ وَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا جَعَلَ الشُّهَدَاءَ مَنْ وَصَفَهُمْ بِالْعَدَالَةِ وَالْخَيْرِيَّةِ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي ذلك الحكم من فسق أو كفر بقوله أَوْ فِعْلٍ، وَمَنْ كَفَرَ بِرَدِّ النَّصِّ أَوْ كَفَرَ بِالتَّأْوِيلِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إِنَّمَا قَالَ: شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يَقُلْ: شُهَدَاءَ لِلنَّاسِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ يَقْتَضِي التَّكْلِيفَ إِمَّا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست