responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 89
بِقَوْلٍ وَإِمَّا بِفِعْلٍ وَذَلِكَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أُخِّرَتْ صِلَةُ الشَّهَادَةِ أَوَّلًا وَقُدِّمَتْ آخِرًا؟ قُلْنَا لِأَنَّ الْغَرَضَ فِي الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُمَمِ وَفِي الآخر الاختصاص بكون الرسول شهيداً عليهم.
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إلى قوله إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.
واعلم أَنَّ قَوْلَهُ: وَما جَعَلْنَا مَعْنَاهُ مَا شَرَعْنَا وَمَا حَكَمْنَا كَقَوْلِهِ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ [الْمَائِدَةِ: 103] أَيْ مَا شَرَعَهَا وَلَا جَعَلَهَا دِينًا، وَقَوْلُهُ: كُنْتَ عَلَيْها أَيْ كُنْتَ مُعْتَقِدًا لِاسْتِقْبَالِهَا، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: كَانَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ، وَقَوْلُهُ: كُنْتَ عَلَيْها لَيْسَ بِصِفَةٍ لِلْقِبْلَةِ، إِنَّمَا هُوَ ثَانِي مَفْعُولَيْ جَعَلَ يُرِيدُ:
وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا. ثُمَّ هَاهُنَا وَجْهَانِ. الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ بَيَانًا لِلْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْقِبْلَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ إِلَى الْكَعْبَةِ ثُمَّ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ تَأْلِيفًا لِلْيَهُودِ، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَنَقُولُ: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الْجِهَةَ: الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها. أَوَّلًا: يَعْنِي وَمَا رَدَدْنَاكَ إِلَيْهَا إِلَّا امْتِحَانًا لِلنَّاسِ وَابْتِلَاءً. الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها لِسَانًا لِلْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قِبْلَةً يَعْنِي أَنَّ أَصْلَ أَمْرِكَ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ وَأَنَّ اسْتِقْبَالَكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ أَمْرًا عَارِضًا لِغَرَضٍ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا قَبْلَ وَقْتِكَ هَذَا، وَهِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، لِنَمْتَحِنَ النَّاسَ وَنَنْظُرَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ وَمَنْ لَا يَتَّبِعُهُ وَيَنْفِرُ عَنْهُ. وَهَاهُنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ فَقَالَ: لَوْلَا الرِّوَايَاتُ لَمْ تَدُلَّ الْآيَةُ عَلَى قِبْلَةٍ مِنْ قِبَلِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: كُنْتَ بِمَعْنَى صِرْتَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آلِ عِمْرَانَ: 110] وَقَدْ يُقَالُ: كَانَ فِي مَعْنَى لَمْ يَزَلْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [النِّسَاءِ: 158] فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها أَيِ الَّتِي لَمْ تَزَلْ عَلَيْهَا وَهِيَ الْكَعْبَةُ إِلَّا كَذَا وَكَذَا.
أَمَّا قَوْلُهُ: إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا لِنَعْلَمَ لَامُ الْغَرَضِ وَالْكَلَامُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ الْغَرَضُ عَلَى اللَّهِ أَوْ لَا يَصِحُّ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَصِحَّ فَكَيْفَ تَأْوِيلُ هَذَا الْكَلَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَمَا جَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا إِلَّا لِنَعْلَمَ كَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا فَهُوَ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ لِيَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ الْعِلْمُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَعْلَمْ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَنَظِيرُهُ فِي الْإِشْكَالِ قَوْلُهُ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ [مُحَمَّدٍ: 31] وَقَوْلُهُ: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ/ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً [الْأَنْفَالِ: 66] وَقَوْلُهُ: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه: 44] وَقَوْلُهُ: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا [الْعَنْكَبُوتِ: 3] وَقَوْلُهُ: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آلِ عِمْرَانَ: 142] وَقَوْلُهُ: وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ [سبأ: 21] والكلام في هذه المسألة أمر مُسْتَقْصًى فِي قَوْلِهِ: وَإِذِ ابْتَلى وَالْمُفَسِّرُونَ أَجَابُوا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: إِلَّا لِنَعْلَمَ مَعْنَاهُ إِلَّا لِيَعْلَمَ حِزْبُنَا مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ كَمَا يَقُولُ الْمَلِكُ: فَتَحْنَا الْبَلْدَةَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست