responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 535
عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا كَانَتْ عِنْدَ وُقُوعِ التُّهْمَةِ عَلَى مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ التَّوْرَاةُ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْكِتَابِ تَنْصَرِفُ لِلْمَعْهُودِ وَالْكِتَابُ الْمَعْهُودُ لَهُمْ هُوَ التَّوْرَاةُ، وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الْمُرَادُ هُوَ الْإِنْجِيلُ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ هاهنا لِلْجِنْسِ أَيْ آتَانِي مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَقَالَ قَوْمٌ: الْمُرَادُ هُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ مَتَى آتَاهُ الْكِتَابَ وَمَتَى جَعَلَهُ نَبِيًّا لِأَنَّ قَوْلَهُ: آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنْ قَبْلُ إِمَّا مُلَاصِقًا لِذَلِكَ الْكَلَامِ أَوْ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ بِأَزْمَانٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ كَلَّمَهُمْ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَجَعَلَهُ نَبِيًّا وَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَنْ يَدْعُوَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى دِينِهِ وَإِلَى مَا خُصَّ بِهِ مِنَ الشَّرِيعَةِ فَقِيلَ هَذَا الْوَحْيُ نَزَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَقِيلَ لَمَّا انْفَصَلَ مِنَ الْأُمِّ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالنُّبُوَّةَ وَأَنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ أُمِّهِ وَأَخْبَرَهَا بِحَالِهِ وَأَخْبَرَهَا بِأَنَّهُ يُكَلِّمُهُمْ بما يدل على برائة حَالِهَا فَلِهَذَا أَشَارَتْ إِلَيْهِ بِالْكَلَامِ. الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ:
قوله تعالى: وَجَعَلَنِي نَبِيًّا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْبَرَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَكِنَّهُ مَا كَانَ رَسُولًا لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا جَاءَ بِالشَّرِيعَةِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ نَبِيًّا أَنَّهُ رَفِيعُ الْقَدْرِ عَلَى الدَّرَجَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ هُوَ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ وَبِالرِّسَالَةِ خُصُوصًا إِذَا قُرِنَ إِلَيْهِ ذِكْرُ الشَّرْعِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ جَعَلَهُ مُبَارَكًا وَالنَّاسُ كَانُوا قَبْلَهُ عَلَى الْمِلَّةِ الصَّحِيحَةِ فَلَمَّا جَاءَ صَارَ بَعْضُهُمْ يَهُودًا وَبَعْضُهُمْ نَصَارَى قَائِلِينَ بِالتَّثْلِيثِ وَلَمْ يَبْقِ عَلَى الْحَقِّ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَالْجَوَابُ، ذَكَرُوا فِي «تَفْسِيرِ الْمُبَارَكِ» وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي اللُّغَةِ هِيَ الثَّبَاتُ وَأَصْلُهُ مِنْ بُرُوكِ الْبَعِيرِ فَمَعْنَاهُ جَعَلَنِي ثَابِتًا عَلَى دِينِ اللَّهِ مُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مُبَارَكًا لِأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ فَإِنْ ضَلُّوا فَمِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ لَا مِنْ قِبَلِهِ
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَسْلَمَتْ أُمُّ عِيسَى عَلَيْهَا السَّلَامُ عِيسَى إِلَى الْكُتَّابِ فَقَالَتْ لِلْمُعَلِّمِ: أَدْفَعُهُ إِلَيْكَ عَلَى أَنْ لَا تَضْرِبَهُ فَقَالَ لَهُ الْمُعَلِّمُ: اكْتُبْ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَكْتُبُ، فَقَالَ: اكْتُبْ أَبْجَدْ فَرَفَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا أَبْجَدْ؟ فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ لِيَضْرِبَهُ فَقَالَ: يَا مُؤَدِّبُ لَا تَضْرِبْنِي إِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي فَاسْأَلْنِي فَأَنَا أُعَلِّمُكَ الْأَلِفُ مِنْ آلَاءِ اللَّهِ وَالْبَاءُ مِنْ بَهَاءِ اللَّهِ وَالْجِيمُ مِنْ جَمَالِ اللَّهِ وَالدَّالُ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ إِلَى اللَّهِ.
وَثَالِثُهَا: الْبَرَكَةُ الزِّيَادَةُ وَالْعُلُوُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلَنِي فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ غَالِبًا مُفْلِحًا مُنْجِحًا لِأَنِّي مَا دُمْتُ أَبْقَى فِي الدُّنْيَا/ أَكُونُ عَلَى الْغَيْرِ مُسْتَعْلِيًا بِالْحُجَّةِ فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ يُكْرِمُنِي اللَّهُ تَعَالَى بِالرَّفْعِ إِلَى السَّمَاءِ.
وَرَابِعُهَا: مُبَارَكٌ عَلَى النَّاسِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِسَبَبِ دِعَائِيِّ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءُ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ،
عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ رَأَتْهُ امْرَأَةٌ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ فَقَالَتْ: طُوبَى لِبَطْنٍ حَمَلَكَ وَثَدْيٍ أُرْضِعْتَ بِهِ، فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مُجِيبًا لَهَا: طُوبَى لِمَنْ تَلَا كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا شَقِيًّا.
أَمَّا قَوْلُهُ: أَيْنَ مَا كُنْتُ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَالَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا قِيلَ إِنَّهُ عَادَ إِلَى حَالِ الصِّغَرِ وَزَوَالِ التَّكْلِيفِ. الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ:
وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ طِفْلًا صَغِيرًا وَالْقَلَمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ عَلَى مَا
قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ» الْحَدِيثَ
وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ:
أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَوْصَاهُ بِأَدَائِهِمَا فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْصَاهُ بِهِمَا وَبِأَدَائِهِمَا فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَهُ وَهُوَ وَقْتُ الْبُلُوغِ. الثَّانِي: لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا انْفَصَلَ عِيسَى عَنْ أُمِّهِ صَيَّرَهُ بَالِغًا عَاقِلًا تَامَّ الْأَعْضَاءِ وَالْخِلْقَةِ وَتَحْقِيقُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 535
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست