responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 534
تَلِيقُ بِهِ الرُّبُوبِيَّةُ. وَرَابِعُهَا: الْمَسِيحُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا أَوْ مُحْدَثًا وَالْقَوْلُ بِقِدَمِهِ بَاطِلٌ لِأَنَّا نَعْلَمُ/ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ وُلِدَ وَكَانَ طِفْلًا ثُمَّ صَارَ شَابًّا وَكَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَعْرِضُ لَهُ مَا يَعْرِضُ لِسَائِرِ الْبَشَرِ، وَإِنْ كَانَ مُحْدَثًا كَانَ مَخْلُوقًا وَلَا مَعْنَى لِلْعُبُودِيَّةِ إِلَّا ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: الْمَعْنَى بِإِلَهِيَّتِهِ أَنَّهُ حَلَّتْ صِفَةُ الْإِلَهِيَّةِ فِيهِ، قُلْنَا: هَبْ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْحَالَّ هُوَ صِفَةُ الْإِلَهِ وَالْمَسِيحُ هُوَ الْمَحَلُّ وَالْمَحَلُّ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ فَمَا هُوَ الْمَسِيحُ [إِلَّا] عَبْدٌ مُحْدَثٌ فَكَيْفَ يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِالْإِلَهِيَّةِ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْوَلَدَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْوَالِدِ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ وَلَدٌ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ فَإِذَنْ قَدِ اشْتَرَكَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِأَمْرٍ مَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ الْآخَرُ، وَإِنْ حَصَلَ الِامْتِيَازُ فَمَا بِهِ الِامْتِيَازُ غَيْرُ مَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ، فَيَلْزَمُ وُقُوعُ التَّرْكِيبِ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَكُلُّ مُرَكَّبٍ مُمْكِنٌ، فَالْوَاجِبُ مُمْكِنٌ هَذَا خُلْفٌ مُحَالٌ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ. أَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى كَوْنِهِ إِلَهًا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَصَّ نَفْسَهُ أَوْ بَدَنَهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى خَلْقِ الْأَجْسَامِ وَالتَّصَرُّفِ فِي هَذَا الْعَالَمِ فَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّ النَّصَارَى حَكَوْا عَنْهُ الضَّعْفَ وَالْعَجْزَ وَأَنَّ الْيَهُودَ قَتَلُوهُ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى خَلْقِ الْأَجْسَامِ لَمَا قَدَرُوا عَلَى قَتْلِهِ بَلْ كَانَ هُوَ يَقْتُلُهُمْ وَيَخْلُقُ لِنَفْسِهِ عَسْكَرًا يَذُبُّونَ عَنْهُ. وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّهُ اتَّخَذَهُ ابْنًا لِنَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ فَهَذَا قَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ مِنَ النَّصَارَى يُقَالُ لَهُمُ الْأَرْمِيُوسِيَّةُ وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ خَطَأٍ إِلَّا فِي اللَّفْظِ فَهَذَا جُمْلَةُ الْكَلَامِ عَلَى النَّصَارَى وَبِهِ ثَبَتَ صِدْقُ مَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ. الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
آتانِيَ الْكِتابَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ حَالَ صِغَرِهِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ إِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ كَانَ كَالْمُرَاهِقِ الَّذِي يَفْهَمُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّكْلِيفِ أَمَّا الْأَوَّلُونَ فَلَهُمْ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الصِّغَرِ نَبِيًّا. الثَّانِي: رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ:
الْمُرَادُ بِأَنْ حَكَمَ وَقَضَى بِأَنَّهُ سَيَبْعَثُنِي مِنْ بَعْدُ وَلَمَّا تَكَلَّمَ بِذَلِكَ سَكَتَ وَعَادَ إِلَى حَالِ الصِّغَرِ. وَلَمَّا بَلَغَ ثَلَاثِينَ سَنَةً بَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا، وَاحْتَجَّ مَنْ نَصَّ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ لَا يَكُونُ إِلَّا كَامِلًا وَالصَّغِيرُ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ هَذَا التَّحَدِّي مِنَ الصَّغِيرِ مُنَفِّرًا بَلْ هُوَ فِي التَّنْفِيرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً. وَثَانِيهَا:
أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَبِيًّا فِي هَذَا الصِّغَرِ لَكَانَ كَمَالُ عَقْلِهِ مُقَدَّمًا عَلَى ادِّعَائِهِ لِلنُّبُوَّةِ إِذِ النَّبِيُّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْعَقْلِ لَكِنَّ كَمَالَ عَقْلِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ فَيَكُونُ الْمُعْجِزُ مُتَقَدِّمًا عَلَى التَّحَدِّي وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوَجَبَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِبَيَانِ الْأَحْكَامِ، وَتَعْرِيفِ الشَّرَائِعِ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَاشْتُهِرَ وَلَنُقِلَ فَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَا كَانَ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. أَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ كَوْنَ الصَّبِيِّ نَاقِصًا لَيْسَ لِذَاتِهِ بَلِ الْأَمْرُ يَرْجِعُ إِلَى صِغَرِ جِسْمِهِ وَنُقْصَانِ فَهْمِهِ، فَإِذَا أَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَمْ تَحْصُلِ النَّفْرَةُ بَلْ تَكُونُ الرَّغْبَةُ إِلَى اسْتِمَاعِ قَوْلِهِ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَتَمَّ وَأَكْمَلَ. وَعَنِ الْكَلَامِ الثَّانِي لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِكْمَالُ عَقْلِهِ وَإِنْ حَصَلَ مُقَدَّمًا عَلَى دَعْوَاهُ إِلَّا أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ يُقَالُ: إِنَّهُ إِرْهَاصٌ لِنُبُوَّتِهِ أَوْ كَرَامَةٌ لِمَرْيَمَ/ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَعِنْدَنَا الْإِرْهَاصُ وَالْكَرَامَاتُ جَائِزَةٌ، وَعَنِ الْكَلَامِ الثَّالِثِ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مُجَرَّدُ بَعْثَتِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ شَيْءٍ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ جَائِزٌ ثُمَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَخَذَ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي كَوْنِهِ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ: آتانِيَ الْكِتابَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَوَجَبَ إِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ عِكْرِمَةُ، أَمَّا قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَلْخِيِّ فَبَعِيدٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى كَلَامِ عِيسَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 534
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست