responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 400
كَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الذَّاتُ الْمَخْصُوصَةُ مَعْلُومَةً وَأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ السَّلْبُ مَعْلُومًا بِخِلَافِ كَوْنِهِ مُتَحَيِّزًا فَإِنَّا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ تَقْدِيرَ كَوْنِ الْإِنْسَانِ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا يَكُونُ تَحَيُّزُهُ عَيْنَ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ ذَاتُهُ مَعْلُومَةً وَيَكُونُ تَحَيُّزُهُ مَجْهُولًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: النَّفْسُ وَاحِدَةٌ وَمَتَى كَانَتْ وَاحِدَةً وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُغَايِرَةً لِهَذَا الْبَدَنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ، الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى: هي قولنا النفس واحدة ولنا هاهنا مَقَامَانِ تَارَةً نَدَّعِي الْعِلْمَ الْبَدِيهِيَّ فِيهِ وَأُخْرَى نُقِيمُ الْبُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ، أَمَّا الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ ادِّعَاءُ الْبَدِيهِيَّةِ فَنَقُولُ الْمُرَادُ مِنَ النَّفْسِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ بِقَوْلِهِ أَنَا وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ إِذَا أَشَارَ إِلَى ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ بِقَوْلِهِ أَنَا كَانَ ذَلِكَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ وَاحِدًا غَيْرَ مُتَعَدِّدٍ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِقَوْلِهِ أَنَا وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدُ يَكُونُ مُرَكَّبًا مِنْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ قُلْنَا إِنَّهُ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ إِلَى دَفْعِ هَذَا السُّؤَالِ بَلْ نَقُولُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِ أَنَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَأَمَّا أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ هَلْ هُوَ وَاحِدٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَشْيَاءَ/ كَثِيرَةٍ أَوْ هُوَ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ فِي حَقِيقَتِهِ فَهَذَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ. أَمَّا الْمَقَامُ الثَّانِي: وَهُوَ مَقَامُ الِاسْتِدْلَالِ فَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى وَحْدَةِ النَّفْسِ وُجُوهٌ.
الْحُجَّةُ الْأُولَى: أَنَّ الْغَضَبَ حَالَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْدُثُ عِنْدَ إِرَادَةِ دَفْعِ الْمُنَافِرِ وَالشَّهْوَةُ حَالَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْدُثُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُلَايِمِ مَشْرُوطًا بالشعور بكون الشيء ملائما وَمُنَافِرًا فَالْقُوَّةُ الْغَضَبِيَّةُ الَّتِي هِيَ قُوَّةٌ دَافِعَةٌ لِلْمُنَافِرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شُعُورٌ بِكَوْنِهِ مُنَافِرًا امْتَنَعَ انْبِعَاثُهَا لِدَفْعِ ذَلِكَ الْمُنَافِرِ عَلَى سَبِيلِ الْقَصْدِ وَالِاخْتِيَارِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إِلَى الْجَذْبِ تَارَةً وَإِلَى الدَّفْعِ أُخْرَى مَشْرُوطٌ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ فَالشَّيْءُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ دَافِعًا لِلْمُنَافِرِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ شُعُورٌ بِكَوْنِهِ مُنَافِرًا فَالَّذِي يَغْضَبُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ هُوَ بِعَيْنِهِ مُدْرِكًا فَثَبَتَ بِهَذَا الْبُرْهَانِ الْيَقِينِيِّ مُبَايَنَةٌ حَاصِلَةٌ فِي ذَوَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّا إِذَا فَرَضْنَا جَوْهَرَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا بِفِعْلِهِ الْخَاصِّ امْتَنَعَ أَنْ يَصِيرَ اشْتِغَالُ أَحَدِهِمَا بِفِعْلِهِ الْخَاصِّ مَانِعًا لِلْآخَرِ مِنَ اشْتِغَالِهِ بِفِعْلِهِ الْخَاصِّ بِهِ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْإِدْرَاكِ وَالْفِكْرِ جَوْهَرًا وَمَحَلُّ الْغَضَبِ جَوْهَرًا آخَرَ وَمَحَلُّ الشَّهْوَةِ جَوْهَرًا ثَالِثًا وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ اشْتِغَالُ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ بِفِعْلِهَا مَانِعًا لِلْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِفِعْلِهَا وَلَا بِالْعَكْسِ لَكِنَّ الثَّانِيَ بَاطِلٌ فَإِنَّ اشْتِغَالَ الْإِنْسَانِ بِالشَّهْوَةِ وَانْصِبَابَهُ إِلَيْهَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالْغَضَبِ وَانْصِبَابِهِ إِلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ مَبَادِئَ مُسْتَقِلَّةً بَلْ هِيَ صِفَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ بِجَوْهَرٍ وَاحِدٍ فَلَا جَرَمَ كَانَ اشْتِغَالُ ذَلِكَ الْجَوْهَرِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ عَائِقًا لَهُ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْفِعْلِ الْآخَرِ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّا إِذَا أَدْرَكْنَا أَشْيَاءَ فَقَدْ يَكُونُ الْإِدْرَاكُ سَبَبًا لِحُصُولِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ يَصِيرُ سَبَبًا لِحُصُولِ الْغَضَبِ فَلَوْ كَانَ الْجَوْهَرُ الْمُدْرَكُ مُغَايِرًا لِلَّذِي يَغْضَبُ وَالَّذِي يَشْتَهِي فَحِينَ أَدْرَكَ الْجَوْهَرَ الْمُدْرَكَ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَ الْجَوْهَرِ الْمُشْتَهَى مِنْ ذَلِكَ الْإِدْرَاكِ أَثَرٌ وَلَا خَبَرٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْإِدْرَاكِ لَا حُصُولُ الشَّهْوَةِ وَلَا حُصُولُ الْغَضَبِ وَحَيْثُ حَصَلَ هَذَا التَّرْتِيبُ وَالِاسْتِلْزَامُ عَلِمْنَا أَنَّ صَاحِبَ الْإِدْرَاكِ بِعَيْنِهِ هُوَ صَاحِبُ الشَّهْوَةِ بِعَيْنِهَا وَصَاحِبُ الْغَضَبِ بِعَيْنِهِ.
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ حَقِيقَةَ الْحَيَوَانِ أَنَّهُ جِسْمٌ ذُو نَفْسٍ حَسَّاسَةٍ مُتَحَرِّكَةٍ بالإرادة فالنفس لا يمكنها أن تتحرك

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست