responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 401
بالإدارة إِلَّا عِنْدَ حُصُولِ الدَّاعِي وَلَا مَعْنَى لِلدَّاعِي إِلَّا الشُّعُورُ بِخَيْرٍ يَرْغَبُ فِي جَذْبِهِ أَوْ بِشَرٍّ يَرْغَبُ فِي دَفْعِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَحَرِّكُ بِالْإِرَادَةِ هُوَ بِعَيْنِهِ مُدْرِكًا لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْمَلَذِّ وَالْمُؤْذِي وَالنَّافِعِ وَالضَّارِّ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ هُوَ الْمُبْصِرُ وَالسَّامِعُ وَالشَّامُّ وَالذَّائِقُ وَاللَّامِسُ وَالْمُتَخَيِّلُ وَالْمُتَفَكِّرُ وَالْمُتَذَكِّرُ وَالْمُشْتَهِي وَالْغَاضِبُ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِجَمِيعِ الْإِدْرَاكَاتِ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِجَمِيعِ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَالْحَرَكَاتِ الْإِرَادِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: فِي بَيَانِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ النَّفْسُ شَيْئًا وَاحِدًا وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ النَّفْسُ فِي هَذَا الْبَدَنِ وَلَا شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ فَنَقُولُ أَمَّا بَيَانُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ امْتَنَعَ كَوْنُ النَّفْسِ عِبَارَةً عَنْ جُمْلَةِ هَذَا الْبَدَنِ وَكَذَا الْقُوَّةُ السَّامِعَةُ وَكَذَا سَائِرُ الْقُوَى كَالتَّخَيُّلِ وَالتَّذَكُّرِ/ وَالتَّفَكُّرِ وَالْعِلْمُ بِأَنَّ هَذِهِ الْقُوَى غَيْرُ سَارِيَةٍ فِي جُمْلَةِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ عِلْمٌ بَدِيهِيٌّ بَلْ هُوَ مِنْ أَقْوَى الْعُلُومِ الْبَدِيهِيَّةِ، وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ النَّفْسُ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ هَذَا الْبَدَنِ فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَدَنِ جُزْءٌ وَاحِدٌ هو بِعَيْنِهِ مَوْصُوفٌ بِالْإِبْصَارِ وَالسَّمَاعِ وَالْفِكْرِ وَالذِّكْرِ بَلِ الَّذِي يَتَبَادَرُ إِلَى الْخَاطِرِ أَنَّ الْإِبْصَارَ مَخْصُوصٌ بِالْعَيْنِ لَا بِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالسَّمَاعَ مَخْصُوصٌ بِالْأُذُنِ لَا بِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالصَّوْتَ مَخْصُوصٌ بِالْحَلْقِ لَا بِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْإِدْرَاكَاتِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ حَصَلَ فِي الْبَدَنِ جُزْءٌ وَاحِدٌ مَوْصُوفٌ بِكُلِّ هَذِهِ الْإِدْرَاكَاتِ وَبِكُلِّ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِلٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ مَوْصُوفٌ بِجُمْلَةِ هَذِهِ الْإِدْرَاكَاتِ وَبِجُمْلَةِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَثَبَتَ بِالْبَدِيهِيَّةِ أَنَّ جُمْلَةَ الْبَدَنِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَثَبَتَ أَيْضًا أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الْيَقِينُ بِأَنَّ النَّفْسَ شَيْءٌ مُغَايِرٌ لِهَذَا الْبَدَنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَلْنُقَرِّرْ هَذَا الْبُرْهَانَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَنَقُولُ: إِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّا إِذَا أَبْصَرْنَا شَيْئًا عَرَفْنَاهُ وَإِذَا عَرَفْنَاهُ اشْتَهَيْنَاهُ وَإِذَا اشْتَهَيْنَاهُ حَرَّكْنَا أَبْدَانَنَا إِلَى الْقُرْبِ مِنْهُ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّ الَّذِي أَبْصَرَ هُوَ الَّذِي عَرَفَ وَأَنَّ الَّذِي عَرَفَ هُوَ الَّذِي اشْتَهَى وَأَنَّ الَّذِي اشْتَهَى هُوَ الَّذِي حَرَّكَ إِلَى الْقُرْبِ مِنْهُ فَيَلْزَمُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْمُبْصِرَ لِذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْعَارِفَ بِهِ وَالْمُشْتَهِيَ وَالْمُتَحَرِّكَ إِلَى الْقُرْبِ مِنْهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُبْصِرُ شَيْئًا وَالْعَارِفُ شَيْئًا ثَانِيًا وَالْمُشْتَهِي شَيْئًا ثَالِثًا وَالْمُتَحَرِّكُ شَيْئًا رَابِعًا لَكَانَ الَّذِي أَبْصَرَ لَمْ يَعْرِفْ، وَالَّذِي عَرَفَ لَمْ يَشْتَهِ وَالَّذِي اشْتَهَى لَمْ يَتَحَرَّكْ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ مُبْصِرًا لِشَيْءٍ لَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ شَيْءٍ آخَرَ عَالِمًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْمَرَاتِبِ وَأَيْضًا فَإِنَّا نعلم بالضرورة أن الرائي للمرئيات لما رَآهَا فَقَدْ عَرَفَهَا وَلَمَّا عَرَفَهَا فَقَدِ اشْتَهَاهَا وَلَمَّا اشْتَهَاهَا طَلَبَهَا وَحَرَّكَ الْأَعْضَاءَ إِلَى الْقُرْبِ مِنْهَا وَنَعْلَمُ أَيْضًا بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِهَذِهِ الرُّؤْيَةِ وَبِهَذَا الْعِلْمِ وَبِهَذِهِ الشَّهْوَةِ وَبِهَذَا التَّحَرُّكِ هُوَ لَا غَيْرُهُ وَأَيْضًا الْعُقَلَاءُ قَالُوا الْحَيَوَانُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَسَّاسًا مُتَحَرِّكًا بِالْإِرَادَةِ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُحِسَّ بِشَيْءٍ لَمْ يَشْعُرْ بِكَوْنِهِ مُلَائِمًا أَوْ بِكَوْنِهِ مُنَافِرًا وَإِذَا لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ امْتَنَعَ كَوْنُهُ مُرِيدًا لِلْجَذْبِ أَوِ الدَّفْعِ فَثَبَتَ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَكُونُ مُتَحَرِّكًا بِالْإِرَادَةِ فَإِنَّهُ بِعَيْنِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَسَّاسًا فَثَبَتَ أَنَّ الْمُدْرِكَ لِجَمِيعِ الْمُدْرَكَاتِ يُدْرِكُ بِجَمِيعِ أَصْنَافِ الْإِدْرَاكَاتِ وَأَنَّ الْمُبَاشِرَ لِجَمِيعِ التَّحْرِيكَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَأَيْضًا فَلِأَنَّا إِذَا تَكَلَّمْنَا بِكَلَامٍ نَقْصِدُ مِنْهُ تَفْهِيمَ الْغَيْرِ [عَقَلْنَا] مَعَانِي تِلْكَ الْكَلَمَّاتِ ثُمَّ لَمَّا عَقَلْنَاهَا أَرَدْنَا تَعْرِيفَ غَيْرِنَا تِلْكَ الْمَعَانِيَ وَلَمَّا حَصَلَتْ هَذِهِ الْإِرَادَةُ فِي قُلُوبِنَا حَاوَلْنَا إِدْخَالَ تِلْكَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ فِي الْوُجُودِ لِنَتَوَسَّلَ بِهَا إِلَى تَعْرِيفِ غَيْرِنَا تِلْكَ الْمَعَانِيَ. إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنْ كَانَ مَحْمَلُ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَمَحَلُّ تِلْكَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ جِسْمًا وَاحِدًا لَزِمَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ مَحَلَّ الْعُلُومِ وَالْإِرَادَاتِ هُوَ الْحَنْجَرَةُ وَاللَّهَاةُ وَاللِّسَانُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا مَحَلُّ الْعُلُومِ وَالْإِرَادَاتِ هُوَ الْقَلْبُ لَزِمَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الصَّوْتِ هُوَ الْقَلْبَ وَذَلِكَ أَيْضًا بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ، / وَإِنْ قُلْنَا مَحَلُّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست