responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 399
النَّفْسِ وَمَجْمُوعُهُمَا عِنْدَ الِاتِّحَادِ هُوَ الْإِنْسَانُ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْمَوْتِ بَطَلَ هَذَا الِاتِّحَادُ وَبَقِيَتِ النَّفْسُ وَفَسَدَ الْبَدَنُ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَذَاهِبِ النَّاسِ فِي الْإِنْسَانِ وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قُرَّةَ يُثْبِتُ النَّفْسَ وَيَقُولُ إِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِأَجْسَامٍ سَمَاوِيَّةٍ نُورَانِيَّةٍ لطيفة غير قابلة للكون والفساد التفرق وَالتَّمَزُّقِ وَأَنْ تِلْكَ الْأَجْسَامَ تَكُونُ سَارِيَةً فِي الْبَدَنِ وَمَا دَامَ يَبْقَى ذَلِكَ السَّرَيَانُ بَقِيَتِ النَّفْسُ مُدَبِّرَةً لِلْبَدَنِ فَإِذَا انْفَصَلَتْ تِلْكَ الْأَجْسَامُ اللَّطِيفَةُ عَنْ جَوْهَرِ الْبَدَنِ انْقَطَعَ تَعَلُّقُ النَّفْسِ عَنِ الْبَدَنِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي دَلَائِلِ مُثْبِتِي النَّفْسِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعَقْلِ احْتَجَّ الْقَوْمُ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ بَعْضُهَا قَوِيٌ وَبَعْضُهَا ضَعِيفٌ وَالْوُجُوهُ الْقَوِيَّةُ بَعْضُهَا قَطْعِيَّةٌ وَبَعْضُهَا إِقْنَاعِيَّةٌ فَلْنَذْكُرِ الْوُجُوهَ الْقَطْعِيَّةَ.
الْحُجَّةُ الْأُولَى: لَا شَكَّ أَنَّ الْإِنْسَانَ جَوْهَرٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُتَحَيِّزٍ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كَوْنُهُ مُتَحَيِّزًا غَيْرَ تِلْكَ الذَّاتِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كُلُّ مَا عَلِمَ الْإِنْسَانُ ذَاتَهُ الْمَخْصُوصَةَ وَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ كَوْنَهُ مُتَحَيِّزًا بِمِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِنْسَانُ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا فَنَفْتَقِرُ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الدَّلِيلِ إِلَى مُقَدِّمَاتٍ ثَلَاثَةٍ. الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى: لَوْ كَانَ الْإِنْسَانُ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا لَكَانَ كَوْنُهُ مُتَحَيِّزًا عَيْنَ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحَيُّزُهُ صِفَةً قَائِمَةً لَكَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ. إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَحَيِّزًا أَوْ لَا يَكُونَ وَالْقِسْمَانِ بَاطِلَانِ فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِكَوْنِ التَّحَيُّزِ صِفَةً قَائِمَةً بِالْمَحَلِّ إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ التَّحَيُّزِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مُتَحَيِّزًا مَرَّتَيْنِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْمِثْلَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جَعْلُ أَحَدِهِمَا/ ذَاتًا وَالْآخِرِ صِفَةً أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ وَلِأَنَّ التَّحَيُّزَ الثَّانِيَ إِنْ كَانَ عَيْنَ الذَّاتِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ كَانَ صِفَةً لَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُحَالٌ وَإِنَّمَا قلنا إنه يمتنع أن يكون محل التحيز غَيْرَ مُتَحَيِّزٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّحَيُّزِ هُوَ الذَّهَابُ فِي الْجِهَاتِ وَالِامْتِدَادُ فِيهَا، وَالشَّيْءُ الَّذِي لَا يَكُونُ مُتَحَيِّزًا لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْجِهَاتِ وَحُصُولُهُ فِيهَا لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ مُحَالٌ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِنْسَانُ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا لَكَانَ تَحَيُّزُهُ غَيْرَ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ. الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ تَحَيُّزُ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ عَيْنَ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ لَكَانَ مَتَى عَرَفَ ذَاتَهُ الْمَخْصُوصَةَ فَقَدْ عَرَفَ كونها متحيزة، والدليل على أَنَّهُ لَوْ صَارَتْ ذَاتُهُ الْمَخْصُوصَةُ مَعْلُومَةً وَصَارَ تَحَيُّزُهُ مَجْهُولًا لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُحَالٌ. الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّا قَدْ نَعْرِفُ ذَاتَنَا حَالَ كَوْنِنَا جَاهِلِينَ بِالتَّحَيُّزِ وَالِامْتِدَادِ فِي الْجِهَاتِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ عِنْدَ الِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ حَالَ كَوْنِهِ مُشْتَغِلًا بِشَيْءٍ مِنَ الْمُهِمَّاتِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَلِمَ خَالَفْتَ أَمْرِي وَإِنِّي أبالغ في تأديبك وضربك فعند ما يَقُولُ لِمَ خَالَفْتَ أَمْرِي يَكُونُ عَالِمًا بِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ إِذْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَاتَهُ الْمَخْصُوصَةَ لَامْتَنَعَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ خَالَفَهُ وَلَامْتَنَعَ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ عَلَى عَزْمِ أَنْ يُؤَدِّبَهُ وَيَضْرِبَهُ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَعْلَمُ ذَاتَهُ الْمَخْصُوصَةَ مَعَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ حَقِيقَةُ التَّحَيُّزِ وَالِامْتِدَادِ فِي الْجِهَاتِ وَالْحُصُولِ فِي الْحَيِّزِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَاتُ الْإِنْسَانِ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا لَكَانَ تَحَيُّزُهُ عَيْنَ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كُلُّ مَا عُلِمَ ذَاتُهُ الْمَخْصُوصَةُ فَقَدْ عُلِمَ التَّحَيُّزُ وَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ ذَاتُ الْإِنْسَانِ لَيْسَ جَوْهَرًا مُتَحَيِّزًا وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ قَالُوا هَذَا مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَوْهَرًا مُجَرَّدًا لَكَانَ كُلُّ مَنْ عَرَفَ ذَاتَ نَفْسِهِ عَرَفَ كَوْنَهُ جَوْهَرًا مُجَرَّدًا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قُلْنَا الْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُجَرَّدًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ وَلَا حَالًّا فِي الْمُتَحَيِّزِ وَهَذَا السَّلْبُ لَيْسَ عَيْنَ تِلْكَ الذَّاتِ الْمَخْصُوصَةِ لِأَنَّ السَّلْبَ لَيْسَ عَيْنَ الثُّبُوتِ، وَإِذَا كَانَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست