responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 220
مِنْ تَكْرِيرِهِ تَأْكِيدُ التَّنْفِيرِ عَنْهُ وَتَكْمِيلُ وُقُوفِ الْعَقْلِ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْقُبْحِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: إِلهَيْنِ لَفْظٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ: ثُبُوتِ الْإِلَهِ وَثُبُوتِ التَّعَدُّدِ، فَإِذَا قِيلَ: لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ لَمْ يُعْرَفْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ عَنْ إِثْبَاتِ الْإِلَهِ أَوْ عَنْ إِثْبَاتِ التَّعَدُّدِ أَوْ عَنْ مَجْمُوعِهِمَا. فَلَمَّا قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ نَهْيٌ عَنْ إِثْبَاتِ التَّعَدُّدِ فَقَطْ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ الِاثْنَيْنِيَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلْإِلَهِيَّةِ، وَتَقْرِيرُهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا مَوْجُودَيْنِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبًا لِذَاتِهِ لَكَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي الْوُجُوبِ الذَّاتِيِّ وَمُتَبَايِنَيْنِ بِالتَّعَيُّنِ وَمَا بِهِ الْمُشَارَكَةُ غَيْرُ مَا بِهِ الْمُبَايَنَةُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَكَّبٌ مِنْ جُزْأَيْنِ، وَكُلُّ مُرَكَّبٍ فَهُوَ مُمْكِنٌ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ يَنْفِي القول بكونهما واجبي الوجود. الثاني: أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا إِلَهَيْنِ وَحَاوَلَ أَحَدُهُمَا تَحْرِيكَ جِسْمٍ وَالْآخَرُ تَسْكِينَهُ امْتَنَعَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا أَوْلَى بِالْفِعْلِ مِنَ الثَّانِي، لِأَنَّ الْحَرَكَةَ الْوَاحِدَةَ وَالسُّكُونَ الْوَاحِدَ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَصْلًا وَلَا التَّفَاوُتَ أَصْلًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ الْقُدْرَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَكْمَلَ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّانِي، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا امْتَنَعَ كَوْنُ إِحْدَى الْقُدْرَتَيْنِ أَوْلَى بِالتَّأْثِيرِ مِنَ الثَّانِيَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِمَّا أَنْ يَحْصُلَ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ مُحَالٌ، أَوْ لَا يَحْصُلَ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ مُحَالٌ أَوْ لَا يَحْصُلَ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَتَّةَ. فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَاجِزًا وَالْعَاجِزُ لَا يَكُونُ إِلَهًا. فَثَبَتَ أَنَّ كَوْنَهُمَا اثْنَيْنِ يَنْفِي كَوْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَهًا. الثَّالِثُ: أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ لَكَانَ إِمَّا أَنْ يَقْدِرَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَسْتُرَ مُلْكَهُ عَنِ الْآخَرِ أَوْ لَا يَقْدِرَ، فَإِنْ قَدَرَ ذَاكَ إِلَهٌ وَالْآخَرُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ أَحَدَهُمَا إِمَّا أَنْ يَقْوَى عَلَى مُخَالَفَةِ الْآخَرِ، أَوْ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ قَوِيَ عَلَيْهِ فَذَاكَ الْآخَرُ إِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الدَّفْعِ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ قَوِيَ عَلَيْهِ فَالْأَوَّلُ الْمَغْلُوبُ ضَعِيفٌ. فَثَبَتَ أَنِ الِاثْنَيْنِيَّةَ وَالْإِلَهِيَّةَ مُتَضَادَّتَانِ. فَقَوْلُهُ: لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى حُصُولِ الْمُنَافَاةِ وَالْمُضَادَّةِ بَيْنَ الْإِلَهِيَّةِ وَبَيْنَ الِاثْنَيْنِيَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ قَالَ: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمَّا دَلَّتِ الدَّلَائِلُ السَّابِقَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَالَمِ مِنَ الْإِلَهِ، وَثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُودِ الْإِلَهَيْنِ مُحَالٌ، ثَبَتَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْحَقُّ الصَّمَدُ.
ثم قال بَعْدَهُ: فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَهَذَا رُجُوعٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْحُضُورِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ/ أَنَّ الْإِلَهَ وَاحِدٌ وَثَبَتَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ إِلَهٌ، فَحِينَئِذٍ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ لِلْعَالَمِ إِلَّا الْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ، فَحِينَئِذٍ يَحْسُنُ مِنْهُ أَنْ يَعْدِلَ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْحُضُورِ، وَيَقُولُ: فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَفِيهِ دَقِيقَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرْهَبَ الْخَلْقُ إِلَّا مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَرْغَبُوا إِلَّا فِي فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا قَدِيمٌ وَإِمَّا مُحْدَثٌ، أَمَّا الْقَدِيمُ الَّذِي هُوَ الْإِلَهُ فَهُوَ وَاحِدٌ، وَأَمَّا مَا سِوَاهُ فَمُحْدَثٌ، وَإِنَّمَا حَدُثَ بِتَخْلِيقِ ذَلِكَ الْقَدِيمِ وَبِإِيجَادِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا رَغْبَةَ إِلَّا إِلَيْهِ وَلَا رَهْبَةَ إِلَّا مِنْهُ، فَبِفَضْلِهِ تَنْدَفِعُ الْحَاجَاتُ وَبِتَكْوِينِهِ وَبِتَخْلِيقِهِ تَنْقَطِعُ الضَّرُورَاتُ.
ثم قال بَعْدَهُ: وَلَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهَذَا حَقٌّ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِلَهُ وَاحِدًا، وَالْوَاجِبُ لِذَاتِهِ وَاحِدًا، كَانَ كُلُّ مَا سِوَاهُ حَاصِلًا بِتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ وَإِيجَادِهِ، فَثَبَتَ بِهَذَا الْبُرْهَانِ صِحَّةُ قَوْلِهِ: وَلَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مِنْ جُمْلَةِ ما في السموات وَالْأَرْضِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهَا لِلَّهِ تَعَالَى أنها

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست