responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 194
والفائدة في التنكير التفخيم. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ/ دَرَجَةً نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ.
ثُمَّ قَالَ: وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أَيْ وَكُلًّا مِنَ الْقَاعِدِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ فَقَدْ وَعَدَهُ اللَّه الْحُسْنَى قَالَ الْفُقَهَاءُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَلَيْسَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَ الْقَاعِدِينَ الْحُسْنَى كَمَا وَعَدَ الْمُجَاهِدِينَ، وَلَوْ كَانَ الْجِهَادُ وَاجِبًا عَلَى التَّعْيِينِ لَمَا كَانَ الْقَاعِدُ أَهْلًا لِوَعْدِ اللَّه تَعَالَى إِيَّاهُ الْحُسْنَى.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي انْتِصَابِ قَوْلِهِ: أَجْراً وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: انْتَصَبَ بِقَوْلِهِ: وَفَضَّلَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ: آجَرَهُمْ أَجْرًا، ثُمَّ قَوْلُهُ: دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَجْراً. الثاني: انتصب على التمييز ودَرَجاتٍ عَطْفُ بَيَانٍ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً مَعْطُوفَانِ عَلَى دَرَجاتٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ تَعَالَى ذكر أولا دَرَجَةً، وهاهنا دَرَجاتٍ، وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ:
الْمُرَادُ بِالدَّرَجَةِ لَيْسَ هُوَ الدَّرَجَةَ الْوَاحِدَةَ بِالْعَدَدِ، بَلْ بِالْجِنْسِ، وَالْوَاحِدُ بِالْجِنْسِ يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْكَثِيرُ بِالنَّوْعِ، وَذَلِكَ هُوَ الْأَجْرُ الْعَظِيمُ، وَالدَّرَجَاتُ الرَّفِيعَةُ فِي الْجَنَّةِ الْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ. الثَّانِي: أَنَّ الْمُجَاهِدَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَاعِدِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْأَضِرَّاءِ بِدَرَجَةٍ، وَمِنَ الْقَاعِدِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْأَصِحَّاءِ بِدَرَجَاتٍ، وَهَذَا الْجَوَابُ إِنَّمَا يَتَمَشَّى إِذَا قُلْنَا بِأَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ لَا يُوجِبُ حُصُولَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ وَبَيْنَ الْقَاعِدِينَ الْأَضِرَّاءِ. الثَّالِثُ:
فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْغَنِيمَةُ، وَفِي الْآخِرَةِ بِدَرَجَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الْجَنَّةِ بِالْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ. الرَّابِعُ: قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْمُجَاهِدِ هُوَ الْمُجَاهِدَ بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ فَقَطْ، وَإِلَّا حَصَلَ التَّكْرَارُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَنْ كَانَ مُجَاهِدًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ، أَعْنِي فِي عَمَلِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ الْجِهَادُ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْقَلْبِ وَهُوَ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْمُجَاهَدَةِ، كَمَا
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ»
وَحَاصِلُ هَذَا الْجِهَادِ صَرْفُ الْقَلْبِ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ اللَّه إِلَى الِاسْتِغْرَاقِ فِي طَاعَةِ اللَّه، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَقَامُ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَهُ لَا جَرَمَ جَعَلَ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ دَرَجَةً، وَفَضِيلَةَ هَذَا الثَّانِي دَرَجَاتٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَتِ الشِّيعَةُ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَكْثَرَ جِهَادًا، فَالْقَدْرُ الذي فيه حصل التَّفَاوُتُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ/ الْقَاعِدِينَ فِيهِ، وَعَلِيٌّ مِنَ الْقَائِمِينَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّ مُبَاشَرَةَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَتْلِ الْكُفَّارِ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ مُبَاشَرَةِ الرَّسُولِ لِذَلِكَ، فَيَلْزَمُكُمْ بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، فَإِنْ قُلْتُمْ إِنَّ مُجَاهَدَةَ الرَّسُولِ مَعَ الْكُفَّارِ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْ مُجَاهَدَةِ عَلِيٍّ مَعَهُمْ، لِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجَاهِدُ الْكُفَّارَ بِتَقْرِيرِ الدَّلَائِلِ وَالْبَيِّنَاتِ وَإِزَالَةِ الشُّبُهَاتِ وَالضَّلَالَاتِ، وَهَذَا الْجِهَادُ أَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ الْجِهَادِ، فَنَقُولُ: فَاقْبَلُوا مِنَّا مِثْلَهُ فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمَّا أَسْلَمَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ سَعَى فِي إِسْلَامِ سَائِرِ النَّاسِ حَتَّى أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص وعثمان بْنُ مَظْعُونٍ، وَكَانَ يُبَالِغُ فِي تَرْغِيبِ النَّاسِ في

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست