responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 195
الْإِيمَانِ وَفِي الذَّبِّ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ وَبِمَالِهِ، وَعَلِيٌّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ صَبِيًّا مَا كَانَ أَحَدٌ يُسَلِّمُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الذَّبِّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَكَانَ جِهَادُ أَبِي بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ جِهَادِ عَلِيٍّ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ جِهَادَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ كَانَ الْإِسْلَامُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَأَمَّا جِهَادُ عَلِيٍّ فَإِنَّمَا ظَهَرَ فِي الْمَدِينَةِ فِي الْغَزَوَاتِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوِيًّا. وَالثَّانِي: أَنَّ جِهَادَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ، وَأَكْثَرُ أَفَاضِلِ الْعَشَرَةِ إِنَّمَا أَسْلَمُوا عَلَى يَدِهِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْجِهَادِ هُوَ حِرْفَةُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَمَّا جِهَادُ عَلِيٍّ فَإِنَّمَا كَانَ بِالْقَتْلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ لَا يُنَالُ إِلَّا بِالْعَمَلِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْعَمَلِ لَمَّا أَوْجَبَ التَّفَاوُتَ فِي الثَّوَابِ وَالْفَضِيلَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الثَّوَابِ هُوَ الْعَمَلُ، وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنِ الْعَمَلُ مُوجِبًا لِلثَّوَابِ لَكَانَ الثَّوَابُ هِبَةً لَا أَجْرًا، لَكِنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُ أَجْرًا، فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:
الْعَمَلُ علة الثواب لكن لا لذاته، بل بجعل الشَّارِعُ ذَلِكَ الْعَمَلَ مُوجِبًا لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالنَّوَافِلِ أَفْضَلُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالنِّكَاحِ، لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَلَوْ كَانَ الْجِهَادُ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ لَمَا كَانَ الْقَاعِدُ عَنِ الْجِهَادِ مَوْعُودًا مِنْ عِنْدِ اللَّه بِالْحُسْنَى.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِذَا قَامَتْ طَائِفَةٌ بِالْجِهَادِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنِ الْبَاقِينَ، فَلَوْ أَقْدَمُوا عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّوَافِلِ لَا مَحَالَةَ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمُجَاهِدِينَ سَوَاءٌ كَانَ جِهَادُهُ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا، وَالْمُشْتَغِلُ بِالنِّكَاحِ قَاعِدٌ عَنِ الْجِهَادِ، فَثَبَتَ أَنَّ الِاشْتِغَالَ/ بِالْجِهَادِ الْمَنْدُوبِ أفضل من الاشتغال بالنكاح واللَّه أعلم.

[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 99]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99)
[في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ ثَوَابَ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى الْجِهَادِ أَتْبَعَهُ بِعِقَابِ مَنْ قَعَدَ عَنْهُ وَرَضِيَ بِالسُّكُونِ فِي دَارِ الْكُفْرِ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ تَوَفَّاهُمُ مَاضِيًا وَلَمْ تَضُمَّ تَاءً مَعَ التَّاءِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا [الْبَقَرَةِ: 70] وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ إِخْبَارًا عَنْ حَالِ أَقْوَامٍ مُعَيَّنِينَ انْقَرَضُوا وَمَضَوْا، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مُسْتَقْبَلًا، وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ الآية عامة في حق كل من كان بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي هَذَا التَّوَفِّي قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مَعْنَاهُ تَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست