responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 193
كَلِمَةِ (غَيْرُ) أَنْ تَكُونَ صِفَةً، ثُمَّ إِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صِفَةً فَالْمَقْصُودُ وَالْمَطْلُوبُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ حَاصِلٌ مِنْهَا، لِأَنَّهَا فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ أَخْرَجَتْ أُولِي الضَّرَرِ مِنْ تِلْكَ الْمَفْضُولِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلًا عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ وَكَانَ الأصل في كلمة (غير) أن تكون صفة كَانَتِ الْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الضَّرَرُ النُّقْصَانُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْعَمَى أَوِ الْعَرَجِ أَوِ الْمَرَضِ، أَوْ كَانَ بِسَبَبِ عَدَمِ الْأُهْبَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حَاصِلُ الْآيَةِ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَصِحَّاءُ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْقَاعِدِينَ الْأَضِرَّاءَ يُسَاوُونَ الْمُجَاهِدِينَ أَمْ لَا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَا يَدُلُّ لِأَنَّا إِنْ حَمَلْنَا لَفْظَ (غَيْرُ) عَلَى الصِّفَةِ وَقُلْنَا التَّخْصِيصُ/ بِالصِّفَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ، وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَقُلْنَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ لَيْسَ بِإِثْبَاتٍ لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا ذَلِكَ، أَمَّا إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَقُلْنَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ لَزِمَ الْقَوْلُ بِالْمُسَاوَاةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمُسَاوَاةَ فِي حَقِّ الْأَضِرَّاءِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهَا مَشْرُوطَةٌ بِشَرْطٍ آخَرَ ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى إِلَى قَوْلِهِ: إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [التَّوْبَةِ: 91] .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِهَذِهِ الْمُسَاوَاةِ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَالْعَقْلُ، أَمَّا النَّقْلُ
فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِ «لَقَدْ خَلَّفْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ أُولَئِكَ أَقْوَامٌ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ»
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا لِعَبْدِي مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي الصحة إلى أن يبرأ»
وذكر بعض المفسرون فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [التِّينِ: 5، 6] أَنَّ مَنْ صَارَ هَرِمًا كَتَبَ اللَّه تَعَالَى لَهُ أَجْرَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ هَرَمِهِ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ
قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ»
أَنَّ مَا يَنْوِيهِ الْمُؤْمِنُ مِنْ دَوَامِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَوْ بَقِيَ أَبَدًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي مُدَّةِ حَيَاتِهِ، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ اسْتِنَارَةُ الْقَلْبِ بِنُورِ مَعْرِفَةِ اللَّه تَعَالَى، فَإِنْ حَصَلَ الِاسْتِوَاءُ فِيهِ لِلْمُجَاهِدِ وَالْقَاعِدِ فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِوَاءُ فِي الثَّوَابِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاعِدُ أَكْثَرَ حَظًّا مِنْ هَذَا الِاسْتِغْرَاقِ كَانَ هُوَ أَكْثَرَ ثَوَابًا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ [التَّوْبَةِ: 111] فَقَدَّمَ ذِكْرَ النَّفْسِ عَلَى الْمَالِ، وَفِي الْآيَةِ الَّتِي نحن فيها وهي قوله: الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْمَالِ عَلَى النَّفْسِ، فَمَا السَّبَبُ فِيهِ؟
وَجَوَابُهُ: أَنَّ النَّفْسَ أَشْرَفُ مِنَ الْمَالِ، فَالْمُشْتَرِي قَدَّمَ ذِكْرَ النَّفْسِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهَا أَشَدُّ وَالْبَائِعُ أَخَّرَ ذِكْرَهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمُضَايَقَةَ فِيهَا أَشَدُّ، فَلَا يَرْضَى بِبَذْلِهَا إِلَّا فِي آخِرِ الْمَرَاتِبِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْمُجَاهِدِينَ وَالْقَاعِدِينَ لَا يَسْتَوِيَانِ ثُمَّ إِنَّ عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ وَيَحْتَمِلُ النُّقْصَانَ، لَا جَرَمَ كَشَفَ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَفِي انْتِصَابِ قَوْلِهِ دَرَجَةً وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُحْذَفُ الْجَارُّ، وَالتَّقْدِيرُ بِدَرَجَةٍ فَلَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ وُصِلَ الْفِعْلُ فَعَمِلَ الثَّانِي: قَوْلُهُ دَرَجَةً أَيْ فَضِيلَةً، وَالتَّقْدِيرُ: وَفَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ فَضِيلَةً كَمَا يُقَالُ زَيْدٌ أَكْرَمَ عَمْرًا إِكْرَامًا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست