مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
العربیة
راهنمای کتابخانه
جستجوی پیشرفته
همه کتابخانه ها
صفحهاصلی
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
همهگروهها
نویسندگان
علوم القرآن
التجويد والقراءات
التفاسير
همهگروهها
نویسندگان
مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
نام کتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
نویسنده :
الطبري، أبو جعفر
جلد :
8
صفحه :
751
سورة المائدة
5
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين آمنوا أوفوا يا أيها الذين أقروا بوحدانية الله وأذعنوا له بالعبودية ,
5
القول في تأويل قوله تعالى: أحلت لكم بهيمة الأنعام اختلف أهل التأويل في بهيمة الأنعام التي ذكر الله عز ذكره في هذه الآية أنه أحلها لنا , فقال بعضهم: هي الأنعام كلها "
12
القول في تأويل قوله تعالى: إلا ما يتلى عليكم اختلف أهل التأويل في الذي عناه الله بقوله: إلا ما يتلى عليكم فقال بعضهم: عنى الله بذلك: أحلت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم , إلا ما بين الله لكم فيما يتلى عليكم بقوله: حرمت عليكم الميتة والدم الآية "
15
القول في تأويل قوله تعالى: غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود غير محلي الصيد وأنتم حرم , أحلت لكم بهيمة الأنعام. فذلك على قولهم من المؤخر الذي معناه
18
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله يحكم ما يريد يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما أراد تحليله , وتحريم ما أراد تحريمه , وإيجاب ما شاء إيجابه عليهم , وغير ذلك من أحكامه وقضاياه , فأوفوا أيها المؤمنون له بما عقد عليكم من تحليل
21
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر
21
القول في تأويل قوله تعالى: ولا الشهر الحرام يعني جل ثناؤه بقوله: ولا الشهر الحرام ولا تستحلوا الشهر الحرام بقتالكم به أعداءكم من المشركين , وهو كقوله: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن عباس وغيره "
24
القول في تأويل قوله تعالى: ولا الهدي ولا القلائد أما الهدي: فهو ما أهداه المرء من بعير أو بقرة أو شاة أو غير ذلك إلى بيت الله , تقربا به إلى الله وطلب ثوابه. يقول الله عز وجل: فلا تستحلوا ذلك فتغضبوا أهله عليه , ولا تحولوا بينهم وبين ما أهدوا من ذلك
26
القول في تأويل قوله تعالى: ولا آمين البيت الحرام يعني بقوله عز ذكره ولا آمين البيت الحرام ولا تحلوا قاصدين البيت الحرام العامدية , تقول منه: أممت كذا: إذا قصدته وعمدته , وبعضهم يقول: يممته , كما قال الشاعر: إني كذاك إذا ما ساءني بلد يممت صدر بعيري
31
القول في تأويل قوله تعالى: يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا يعني بقوله: يبتغون يطلبون ويلتمسون. والفضل: الأرباح في التجارة؛ والرضوان: رضا الله عنهم , فلا يحل بهم من العقوبة في الدنيا ما أحل بغيرهم من الأمم في عاجل دنياهم بحجهم بيته " وبنحو الذي قلنا في
40
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي نهيتكم أن تحلوه وأنتم حرم , يقول: فلا حرج عليكم في اصطياده واصطادوا إن شئتم حينئذ , لأن المعنى الذي من أجله كنت حرمته عليكم في حال إحرامكم قد زال " وبما
42
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يجرمنكم يعني جل ثناؤه بقوله: ولا يجرمنكم ولا يحملنكم. كما:
44
القول في تأويل قوله تعالى: شنآن قوم اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه بعضهم: شنآن بتحريك الشين والنون إلى الفتح , بمعنى: بغض قوم توجيها منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على فعلان نظير الطيران , والنسلان , والعسلان , والرملان. وقرأ ذلك آخرون: " شنآن
47
القول في تأويل قوله تعالى: أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه بعض أهل المدينة وعامة قراء الكوفيين: أن صدوكم بفتح الألف من أن بمعنى: لا يجرمنكم بغض قوم بصدهم إياكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا. وكان بعض قراء الحجاز
49
القول في تأويل قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان يعني جل ثناؤه بقوله: وتعاونوا على البر والتقوى وليعن بعضكم أيها المؤمنون بعضا على البر , وهو العمل بما أمر الله بالعمل به والتقوى هو اتقاء ما أمر الله باتقائه واجتنابه
52
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله إن الله شديد العقاب وهذا وعيد من الله جل ثناؤه وتهديد لمن اعتدى حده وتجاوز أمره. يقول عز ذكره: واتقوا الله يعني: واحذروا الله أيها المؤمنون أن تلقوه في معادكم وقد اعتديتم حده فيما حد لكم وخالفتم أمره فيما أمركم
53
القول في تأويل قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون
53
القول في تأويل قوله تعالى: والمنخنقة اختلفت أهل التأويل في صفة الانخناق الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله والمنخنقة فقال بعضهم بما:
55
القول في تأويل قوله تعالى: والموقوذة يعني جل ثناؤه بقوله والموقوذة والميتة وقيذا , يقال منه: وقذه يقذه وقذا: إذا ضربه حتى أشرف على الهلاك , ومنه قول الفرزدق: شغارة تقذ الفصيل برجلها فطارة لقوادم الأبكار وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل
56
القول في تأويل قوله تعالى: والمتردية يعني بذلك جل ثناؤه: وحرمت عليكم الميتة ترديا من جبل , أو في بئر , أو غير ذلك. وترديها: رميها بنفسها من مكان عال مشرف إلى سفله " وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
58
القول في تأويل قوله تعالى: والنطيحة يعني بقوله النطيحة الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية , فحرم الله جل ثناؤه ذلك على المؤمنين إن لم يدركوا ذكاته قبل موته. وأصل النطيحة: المنطوحة , صرفت من مفعولة إلى فعيلة " فإن قال قائل: وكيف أثبتت
59
القول في تأويل قوله تعالى: وما أكل السبع يعني جل ثناؤه بقوله: وما أكل السبع وحرم عليكم ما أكل السبع غير المعلم من الصوائد , وكذلك قال أهل التأويل
62
القول في تأويل قوله تعالى: إلا ما ذكيتم يعني جل ثناؤه بقوله: إلا ما ذكيتم إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورا. ثم اختلف أهل التأويل فيما استثنى الله بقوله: إلا ما ذكيتم فقال بعضهم: استثنى من جميع ما سمى الله تحريمه , من قوله وما أهل لغير الله
63
القول في تأويل قوله تعالى: وما ذبح على النصب يعني بقوله جل ثناؤه: وما ذبح على النصب وحرم عليكم أيضا الذي ذبح على النصب. فما في قوله وما ذبح رفع عطفا على ما التي في قوله: وما أكل السبع والنصب: الأوثان من الحجارة جماعة أنصاب كانت تجمع في الموضع من
69
القول في تأويل قوله: وأن تستقسموا بالأزلام يعني بقوله: وأن تستقسموا بالأزلام وأن تطلبوا علم ما قسم لكم أو لم يقسم , بالأزلام. وهو استفعلت من القسم: قسم الرزق والحاجات. وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أراد سفرا أو غزوا أو نحو ذلك , أجال القداح ,
72
القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم فسق يعني جل ثناؤه بقوله: ذلكم هذه الأمور التي ذكرها , وذلك أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر ما ذكر في هذه الآية مما حرم أكله. والاستقسام بالأزلام. فسق يعني: خروج عن أمر الله وطاعته إلى ما نهى عنه وزجر , وإلى معصيته
77
القول في تأويل قوله تعالى: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم يعني بقوله جل ثناؤه: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم الآن انقطع طمع الأحزاب وأهل الكفر والجحود أيها المؤمنون من دينكم , يقول: من دينكم أن تتركوه , فترتدوا عنه راجعين إلى الشرك. كما:
77
القول في تأويل قوله تعالى: فلا تخشوهم واخشون يعني بذلك: فلا تخشوا أيها المؤمنون هؤلاء الذين قد يئسوا من دينكم أن ترجعوا عنه من الكفار , ولا تخافوهم أن يظهروا عليكم فيقهروكم ويردوكم عن دينكم , واخشون يقول: " ولكن خافون إن أنتم خالفتم أمري واجترأتم على
79
القول في تأويل قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: يعني جل ثناؤه بقوله: اليوم أكملت لكم دينكم اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضي عليكم وحدودي , وأمري إياكم ونهيي , وحلالي وحرامي , وتنزيلي من ذلك ما أنزلت
79
القول في تأويل قوله تعالى: وأتممت عليكم نعمتي يعني جل ثناؤه بذلك: وأتممت نعمتي أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوي وعدوكم من المشركين , ونفيي إياهم عن بلادكم , وقطعي طمعهم من رجوعكم , وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
83
القول في تأويل قوله تعالى: ورضيت لكم الإسلام دينا يعني بذلك جل ثناؤه: ورضيت لكم الاستسلام لأمري والانقياد لطاعتي , على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه دينا يعني بذلك: طاعة منكم لي. فإن قال قائل: أو ما كان الله راضيا الإسلام لعباده , إلا يوم
84
ذكر من قال: نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
86
القول في تأويل قوله تعالى: فمن اضطر في مخمصة يعني تعالى ذكره بقول: فمن اضطر فمن أصابه ضر في مخمصة , يعني في مجاعة , وهي مفعلة مثل المجبنة والمبخلة والمنجبة , من خمص البطن , وهو اضطماره , وأظنه هو في هذا الموضع معني به اضطماره من الجوع وشدة السغب , وقد
91
القول في تأويل قوله تعالى: غير متجانف لإثم يعني بذلك جل ثناؤه: فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حرمت عليه منكم أيها المؤمنون من الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية. غير متجانف لإثم يقول: " لا متجانفا لإثم , فلذلك نصب غير لخروجها من
93
القول في تأويل قوله تعالى: فإن الله غفور رحيم وفي هذا الكلام متروك اكتفي بدلالة ما ذكر عليه منه , وذلك أن معنى الكلام: فمن اضطر في مخمصة إلى ما حرمت عليه مما ذكرت في هذه الآية غير متجانف لإثم فأكله فإن الله غفور رحيم فترك ذكر: فأكله. وذكر: له ,
95
القول في تأويل قوله تعالى: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك يا محمد أصحابك ما الذي أحل لهم
99
القول في تأويل قوله تعالى: تعلمونهن مما علمكم الله يعني جل ثناؤه بقوله: تعلمونهن تؤدبون الجوارح , فتعلمونهن طلب الصيد لكم مما علمكم الله , يعني بذلك: من التأديب الذي أدبكم الله والعلم الذي علمكم. وقد قال بعض أهل التأويل: معنى قوله: مما علمكم الله
107
القول في تأويل قوله تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم يعني بقوله: فكلوا مما أمسكن عليكم فكلوا أيها الناس مما أمسكت عليكم جوارحكم. واختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم: ذلك على الظاهر والعموم كما عممه الله حلال أكل كل ما أمسكت علينا الكلاب والجوارح
122
القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا اسم الله عليه يعني جل ثناؤه بقوله: واذكروا اسم الله على ما أمسكت عليكم جوارحكم من الصيد. كما:
128
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله إن الله سريع الحساب يعني جل ثناؤه: واتقوا الله أيها الناس فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه , فاحذروه في ذلك أن تقدموا على خلافه , وأن تأكلوا من صيد الجوارح غير المعلمة أو مما لم تمسك عليكم من صيدها وأمسكته على أنفسها
128
القول في تأويل قوله تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في
129
ذكر من حرم ذبائح نصارى العرب
133
القول في تأويل قوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن يعني جل ثناؤه بقوله: والمحصنات من المؤمنات أحل لكم أيها المؤمنون المحصنات من المؤمنات وهن الحرائر منهن أن تنكحوهن والمحصنات من الذين أوتوا
138
القول في تأويل قوله تعالى: محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان يعني بذلك جل ثناؤه: أحل لكم المحصنات من المؤمنات , والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم , وأنتم محصنون غير مسافحين ولا متخذي أخدان. ويعني بقوله جل ثناؤه: محصنين أعفاء غير مسافحين يعني
148
القول في تأويل قوله عز ذكره: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين يعني بقوله جل ثناؤه: ومن يكفر بالإيمان ومن يجحد ما أمر الله بالتصديق به من توحيد الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم , وما جاء به من عند الله , وهو الإيمان الذي قال
149
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا
152
القول في تأويل قوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم اختلف أهل التأويل في حد الوجه الذي أمر الله بغسله القائم إلى الصلاة بقوله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فقال بعضهم: هو ما ظهر من بشرة الأنسان من قصاص شعر رأسه , منحدرا إلى منقطع ذقنه طولا , وما بين
164
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بطن من الفم والأنف:
168
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أن الأذنين ليستا من الوجه:
169
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بطن من الأنف والفم:
179
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أن ما أقبل من الأذنين فمن الوجه , وما أدبر فمن الرأس:
180
القول في تأويل قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق اختلف أهل التأويل في المرافق , هل هي من اليد الواجب غسلها أم لا؟ بعد إجماع جميعهم على أن غسل اليد إليها واجب.
183
القول في تأويل قوله تعالى: وامسحوا برءوسكم اختلف أهل التأويل في صفة المسح الذي أمر الله به بقوله: وامسحوا برءوسكم فقال بعضهم: وامسحوا بما بدا لكم أن تمسحوا به من رءوسكم بالماء إذا قمتم إلى الصلاة
185
القول في تأويل قوله تعالى: وأرجلكم إلى الكعبين اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه جماعة من قراء الحجاز والعراق: وأرجلكم إلى الكعبين نصبا. فتأويله: إذا قمتم إلى الصلاة , فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق , وأرجلكم إلى الكعبين , وامسحوا برءوسكم. وإذا
188
ذكر من قال: عنى الله بقوله: وأرجلكم إلى الكعبين الغسل:
189
القول في تأويل قوله تعالى: إلى الكعبين واختلف أهل التأويل في الكعب , فقال بعضهم بما:
211
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا يعني بقوله جل ثناؤه: وإن كنتم جنبا وإن كنتم أصابتكم جنابة قبل أن تقوموا إلى صلاتكم فقمتم إليها فاطهروا , يقول: فتطهروا بالاغتسال منها قبل دخولكم في صلاتكم التي قمتم إليها. ووحد الجنب وهو خبر عن الجميع
212
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كنتم جرحى أو مجدرين وأنتم جنب. وقد بينا أن ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. وأما قوله: أو على سفر فإنه يقول: وإن كنتم
213
القول في تأويل قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه يعني جل ثناؤه بقوله: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فإن لم تجدوا أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم مرضى مقيمون , أو على سفر أصحاء , أو قد جاء أحد منكم من
214
القول في تأويل قوله تعالى: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج يعني جل ثناؤه بقوله: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ما يريد الله بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم , والغسل من جنابتكم والتيمم صعيدا طيبا عند عدمكم الماء ليجعل عليكم من حرج ليلزمكم
215
القول في تأويل قوله تعالى: ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون يعني جل ثناؤه بقوله: ولكن يريد ليطهركم ولكن الله يريد أن يطهركم بما فرض عليكم من الوضوء من الأحداث والغسل من الجنابة , والتيمم عند عدم الماء , فتنظفوا وتطهروا بذلك أجسامكم من
216
القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور يعني جل ثناؤه بذلك: واذكروا نعمة الله عليكم أيها المؤمنون بالعقود التي عقدتموها لله على أنفسكم , واذكروا نعمته عليكم في
219
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد , ليكن من أخلاقكم
222
القول في تأويل قوله تعالى: اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون يعني جل ثناؤه بقوله: اعدلوا أيها المؤمنون على كل أحد من الناس وليا لكم كان أو عدوا , فاحملوهم على ما أمرتم أن تحملوهم عليه من أحكامي , ولا تجوروا بأحد منهم عنه. وأما
224
القول في تأويل قوله تعالى: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم يعني جل ثناؤه بقوله: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وعد الله أيها الناس الذين صدقوا الله ورسوله , وأقروا بما جاءهم به من عند ربهم , وعملوا بما واثقهم الله به ,
225
القول في تأويل قوله تعالى: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم يعني بقوله جل ثناؤه: والذين كفروا والذين جحدوا وحدانية الله , ونقضوا ميثاقه وعقوده التي عاقدوها إياه وكذبوا بآياتنا يقول: " وكذبوا بأدلة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت
227
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أقروا بتوحيد الله ورسالة رسوله صلى الله عليه وسلم وما
227
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون يعني جل ثناؤه: واحذروا الله أيها المؤمنون أن تخالفوه فيما أمركم ونهاكم أن تنقضوا الميثاق الذي واثقكم به فتستوجبوا منه العقاب الذي لا قبل لكم به وعلى الله فليتوكل المؤمنون يقول: " وإلى
234
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد
234
القول في تأويل قوله تعالى: وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا يقول الله تعالى ذكره وقال الله لبني إسرائيل إني معكم يقول: " إني ناصركم على عدوكم وعدوي الذين أمرتكم بقتالهم إن قاتلتموهم ووفيتم
241
القول في تأويل قوله تعالى: لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار يعني جل ثناؤه بذلك بني إسرائيل , يقول لهم جل ثناؤه: لئن أقمتم الصلاة أيها القوم الذين أعطوني ميثاقهم بالوفاء بطاعتي , واتباع أمري , وآتيتم الزكاة , وفعلتم سائر ما
246
القول في تأويل قوله تعالى: فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل يقول عز ذكره: فمن جحد منكم يا معشر بني إسرائيل شيئا مما أمرته به , فتركه , أو ركب ما نهيته عنه فعمله بعد أخذي الميثاق عليه بالوفاء لي بطاعتي واجتناب معصيتي فقد ضل سواء السبيل يقول: "
247
القول في تأويل قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد
248
القول في تأويل قوله تعالى: وجعلنا قلوبهم قاسية اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل مكة والبصرة والكوفة: قاسية بالألف , على تقدير فاعله , من قسوة القلب , من قول القائل: قسا قلبه , فهو يقسو وهو قاس , وذلك إذا غلظ واشتد
249
القول في تأويل قوله تعالى: يحرفون الكلم عن مواضعه يقول عز ذكره: وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودنا من بني إسرائيل قسية , منزوعا منها الخير , مرفوعا منها التوفيق , فلا يؤمنون , ولا يهتدون , فهم لنزع الله عز وجل التوفيق من قلوبهم والإيمان يحرفون كلام
251
القول في تأويل قوله تعالى: ونسوا حظا مما ذكروا به يعني تعالى ذكره بقوله: ونسوا حظا وتركوا نصيبا , وهو كقوله: نسوا الله فنسيهم أي " تركوا أمر الله فتركهم الله؛ وقد مضى بيان ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فأغنى ذلك عن إعادته. وبالذي قلنا في ذلك قال أهل
252
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تزال يا محمد تطلع من اليهود الذين أنبأتك نبأهم من نقضهم ميثاقي , ونكثهم عهدي , مع أيادي عندهم , ونعمتي عليهم , على مثل ذلك من
252
القول في تأويل قوله تعالى: فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين وهذا أمر من الله عز ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعفو عن هؤلاء القوم الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود , يقول الله جل وعز له: اعف يا محمد عن هؤلاء اليهود الذين هموا بما
254
القول في تأويل قوله تعالى: ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يقول عز ذكره: وأخذنا من النصارى الميثاق على طاعتي وأداء فرائضي واتباع رسلي
256
القول في تأويل قوله تعالى: فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة يعني تعالى ذكره بقوله: فأغرينا بينهم حرشنا بينهم وألقينا , كما تغري الشيء بالشيء. يقول جل ثناؤه: لما ترك هؤلاء النصارى الذين أخذت ميثاقهم بالوفاء بعهدي حظهم , مما عهدت إليهم من
257
القول في تأويل قوله تعالى: وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اعف عن هؤلاء الذين هموا ببسط أيديهم إليك وإلى أصحابك , واصفح فإن الله من وراء الانتقام منهم , وسينبئهم الله عند ورودهم الله عليه في معادهم بما
261
القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يقول عز ذكره لجماعة أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل
261
القول في تأويل قوله تعالى: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب: قد جاءكم يا أهل التوراة والإنجيل من الله نور , يعني بالنور محمدا صلى الله عليه وسلم , الذي أنار الله به الحق , وأظهر به الإسلام , ومحق به الشرك
263
القول في تأويل قوله تعالى: يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم يعني عز ذكره: يهدي بهذا الكتاب المبين الذي جاء من الله جل جلاله , ويعني بقوله: يهدي به الله يرشد به الله ويسدد به. والهاء في
264
القول في تأويل قوله تعالى: ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه يقول عز ذكره: يهدي الله بهذا الكتاب المبين من اتبع رضوان الله إلى سبل السلام , وشرائع دينه ويخرجهم يقول: " ويخرج من اتبع رضوانه , والهاء والميم في: ويخرجهم من الظلمات إلى النور , يعني: من
265
القول في تأويل قوله تعالى: ويهديهم إلى صراط مستقيم يعني عز ذكره بقوله: ويهديهم ويرشدهم ويسددهم إلى صراط مستقيم يقول: " إلى طريق مستقيم , وهو دين الله القويم الذي لا اعوجاج فيه
266
القول في تأويل قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير هذا ذم من الله عز ذكره
266
القول في تأويل قوله تعالى: قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للنصارى الذين افتروا علي , وضلوا عن سواء السبيل , بقيلهم: إن الله هو المسيح ابن مريم من
266
القول في تأويل قوله تعالى: ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء يعني تبارك وتعالى بذلك: والله له تصريف ما في السموات والأرض وما بينهما , يعني: وما بين السماء والأرض , يهلك من يشاء من ذلك , ويبقي ما يشاء منه , ويوجد ما أراد , ويعدم ما أحب ,
267
القول في تأويل قوله تعالى: والله على كل شيء قدير يقول عز ذكره: الله المعبود هو القادر على كل شيء , والمالك كل شيء , الذي لا يعجزه شيء أراده , ولا يغلبه شيء طلبه , المقتدر على هلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا , لا العاجز الذي لا يقدر على منع نفسه من
269
القول في تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير وهذا خبر من الله جل وعز عن قوم من اليهود والنصارى أنهم قالوا
269
القول في تأويل قوله تعالى: بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم: ليس الأمر كما زعمتم أنكم أبناء الله وأحباؤه بل أنتم بشر ممن خلق , يقول: خلق من بني آدم , خلقكم الله مثل سائر بني آدم , إن
271
القول في تأويل قوله تعالى: ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير يقول: لله تدبير ما في السموات وما في الأرض وما بينهما , وتصريفه , وبيده أمره , وله ملكه , يصرفه كيف يشاء ويدبره كيف أحبه , لا شريك له في شيء منه ولا لأحد معه فيه ملك , فاعلموا
272
القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير يعني جل ثناؤه بقوله: يا أهل الكتاب اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله
273
القول في تأويل قوله تعالى: فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير يقول جل ثناؤه لهؤلاء اليهود الذين وصفنا صفتهم: قد أعذرنا إليكم , واحتججنا عليكم برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إليكم , وأرسلناه إليكم , ليبين لكم ما أشكل عليكم من أمر دينكم , كيلا
276
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين وهذا أيضا من الله تعريف لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قديم بتمادي هؤلاء اليهود في الغي وبعدهم عن الحق وسوء
276
القول في تأويل قوله تعالى: إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا يعني بذلك جل ثناؤه , أن موسى ذكر قومه من بني إسرائيل بأيام الله عندهم وبآلائه قبلهم , فحرضهم بذلك على اتباع أمر الله في قتال الجبارين , فقال لهم: اذكروا نعمة الله عليكم أن فضلكم بأن جعل فيكم
277
القول في تأويل قوله تعالى: وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين اختلف فيمن عنوا بهذا الخطاب , فقال بعضهم: عني به أمة محمد صلى الله عليه وسلم
281
القول في تأويل قوله تعالى: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول موسى صلى الله عليه وسلم لقومه من بني إسرائيل , وأمره إياهم عن أمر الله إياه , يأمرهم بدخول الأرض المقدسة ثم
284
القول في تأويل قوله تعالى: ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين وهذا خبر من الله عز ذكره عن قيل موسى عليه السلام لقومه من بني إسرائيل , إذ أمرهم عن أمر الله عز ذكره إياه بدخول الأرض المقدسة , أنه قال لهم: امضوا أيها القوم لأمر الله الذي أمركم به من
287
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن جواب قوم موسى عليه السلام , إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة , أنهم أبوا عليه إجابة إلى ما أمرهم به من ذلك ,
289
القول في تأويل قوله تعالى: وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول قوم موسى لموسى جوابا لقوله لهم: ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم فقالوا: إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها يعنون: من الأرض المقدسة
292
القول في تأويل قوله تعالى: قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين وهذا خبر من الله عز ذكره عن الرجلين الصالحين من قوم موسى: يوشع بن نون , وكالب بن يوفنا , أنهما وفيا
293
القول في تأويل قوله تعالى: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول الرجلين اللذين يخافان الله لبني إسرائيل إذ جبنوا وخافوا من الدخول على الجبارين لما سمعوا خبرهم , وأخبرهم النقباء الذين أفشوا ما عاينوا من أمرهم فيهم
300
القول في تأويل قوله تعالى: وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين وهذا أيضا خبر من الله جل وعز , عن قول الرجلين اللذين يخافان الله أنهما قالا لقوم موسى يشجعانهم بذلك , ويرغبانهم في المضي لأمر الله بالدخول على الجبارين في مدينتهم: توكلوا أيها القوم على الله
302
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون وهذا خبر من الله جل ذكره عن قول الملإ من قوم موسى لموسى , إذ رغبوا في جهاد عدوهم , ووعدوا نصر الله إياهم , إن هم ناهضوهم , ودخلوا عليهم باب
302
القول في تأويل قوله تعالى: قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين وهذا خبر من الله جل وعز عن قيل قوم موسى حين قال له قومه ما قالوا من قولهم: إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون أنه قال عند
305
القول في تأويل قوله تعالى: قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين اختلف أهل التأويل في الناصب للأربعين , فقال بعضهم: الناصب له قوله: محرمة وإنما حرم الله جل وعز على القوم الذين عصوه وخالفوا أمره من قوم موسى وأبوا
307
القول في تأويل قوله: فلا تأس على القوم الفاسقين يعني جل ثناؤه بقوله: فلا تأس فلا تحزن , يقال منه: أسي فلان على كذا يأسى أسى , وقد أسيت من كذا: أي حزنت , ومنه قول امرئ القيس: وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمل يعني: لا تهلك حزنا "
316
القول في تأويل قوله تعالى: واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واتل على هؤلاء اليهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليكم
316
القول في تأويل قوله تعالى: لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن المقتول من ابني آدم أنه قال لأخيه لما قال له أخوه القاتل لأقتلنك: والله لئن بسطت إلي يدك يقول: " مددت إلي يدك
328
القول في تأويل قوله تعالى: إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معناه: إني أريد أن تبوء بإثمي من قتلك إياي وإثمك في معصيتك الله بغير ذلك من معاصيك
330
القول في تأويل قوله تعالى: فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين يعني جل ثناؤه بقوله فطوعت فأقامته وساعدته عليه. وهو فعلت من الطوع , من قول القائل: طاعني هذا الأمر: إذا انقاد له. وقد اختلف أهل التأويل في تأويله , فقال بعضهم: معناه: فشجعت
336
القول في تأويل قوله تعالى: فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين قال أبو جعفر: وهذا أيضا أحد الأدلة على أن القول في أمر ابني آدم بخلاف ما رواه عمرو عن الحسن؛
340
ذكر الأخبار عن أهل التأويل بالذي كان من فعل القاتل من ابني آدم بأخيه المقتول بعد قتله إياه:
340
القول في تأويل قوله تعالى: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون يعني تعالى ذكره بقوله:
347
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون وهذا قسم من الله جل ثناؤه أقسم به , أن رسله صلوات الله عليهم قد أتت بني إسرائيل الذين قص الله قصصهم وذكر نبأهم في الآيات التي تقدمت من قوله: يا أيها الذين
358
القول في تأويل قوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهذا بيان من الله عز ذكره عن حكم الفساد في الأرض
359
وأما قوله: ويسعون في الأرض فسادا فإنه يعني: يعملون في أرض الله بالمعاصي من إخافة سبل عباده المؤمنين به , أو سبل ذمتهم وقطع طرقهم , وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا , والتوثب على حرمهم فجورا وفسوقا
372
القول في تأويل قوله تعالى: أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض يقول تعالى ذكره: ما للذي حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ملة الإسلام أو ذمتهم إلا بعض هذه الخلال التي ذكرها جل ثناؤه. ثم اختلف أهل التأويل في
372
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم يعني جل ثناؤه بقوله: ذلك هذا الجزاء الذي جازيت به الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا في الدنيا , من قتل , أو صلب , أو قطع يد ورجل من خلاف لهم يعني لهؤلاء المحاربين خزي
390
القول في تأويل قوله تعالى: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك إلا الذين تابوا من شركهم ومناصبتهم الحرب لله ولرسوله , والسعي في الأرض بالفساد بالإسلام , والدخول في
391
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم ووعدهم من الثواب , وأوعد من العقاب اتقوا الله يقول: أجيبوا الله فيما أمركم
402
القول في تأويل قوله تعالى: وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون يقول جل ثناؤه للمؤمنين به وبرسوله: وجاهدوا أيها المؤمنون أعدائي وأعداءكم في سبيلي , يعني: في دينه وشريعته التي شرعها لعباده , وهي الإسلام , يقول: أتعبوا أنفسكم في قتالهم وحملهم على الدخول في
404
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يقول عز ذكره: إن الذين جحدوا ربوبية ربهم وعبدوا غيره من بني إسرائيل الذين عبدوا العجل ومن غيرهم الذين عبدوا
405
القول في تأويل قوله تعالى: يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يعني جل ثناؤه بقوله: يريدون أن يخرجوا من النار يريد هؤلاء الذين كفروا بربهم يوم القيامة أن يخرجوا من النار بعد دخولها وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يقول: "
406
القول في تأويل قوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم يقول جل ثناؤه: ومن سرق من رجل أو امرأة , فاقطعوا أيها الناس يده. ولذلك رفع السارق والسارقة , لأنهما غير معينين , ولو أريد بذلك سارق وسارقة
407
القول في تأويل قوله تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم يقول جل ثناؤه فمن تاب من هؤلاء السراق , يقول: من رجع منهم عما يكرهه الله من معصيته إياه إلى ما يرضاه من طاعته من بعد ظلمه؛ وظلمه: هو اعتداؤه وعمله ما نهاه الله
410
القول في تأويل قوله تعالى: ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم يعلم هؤلاء القائلون: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة الزاعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه
412
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن
413
القول في تأويل قوله تعالى: ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها الرسول , لا يحزنك تسرع من تسرع من هؤلاء المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم تصديقك , وهم معتقدون تكذيبك إلى الكفر بك ,
419
القول في تأويل قوله تعالى: يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا يقول تعالى ذكره: يحرف هؤلاء السماعون للكذب , السماعون لقوم آخرين منهم لم يأتوك بعد من اليهود الكلم. وكان تحريفهم ذلك: تغييرهم حكم الله تعالى ذكره
423
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا وهذا تسلية من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من حزنه على مسارعة الذين قص قصتهم من اليهود والمنافقين في هذه الآية , يقول له تعالى ذكره: لا يحزنك تسرعهم إلى جحود نبوتك
427
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر , من اليهود الذين وصفت لك صفتهم , وإن مسارعتهم إلى أولئك الذين
428
القول في تأويل قوله تعالى: سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين يقول تعالى ذكره: هؤلاء اليهود الذين وصفت لك يا محمد صفتهم , سماعون لقيل الباطل والكذب
428
القول في تأويل قوله تعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين يعني تعالى ذكره بقوله: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم إن جاء هؤلاء القوم الآخرون الذين لم يأتوك بعد , وهم
435
القول في تأويل قوله تعالى: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين يعني تعالى ذكره: وكيف يحكمك هؤلاء اليهود يا محمد بينهم , فيرضون بك حكما بينهم , وعندهم التوراة التي أنزلتها على موسى , التي يقرون بها أنها حق
447
القول في تأويل قوله تعالى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
449
القول في تأويل قوله تعالى: والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء يقول تعالى ذكره: ويحكم بالتوراة وأحكامها التي أنزل الله فيها في كل زمان على ما أمر بالحكم به فيها مع النبيين الذين أسلموا , الربانيون والأحبار. والربانيون: جمع
451
القول في تأويل قوله تعالى: فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا يقول تعالى ذكره لعلماء اليهود وأحبارهم: لا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي الذي حكمت به على عبادي وإمضائه عليهم على ما أمرت , فإنهم لا يقدرون لكم على ضر ولا نفع إلا بإذني , ولا
455
القول في تأويل قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون يقول تعالى ذكره: ومن كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه , وجعله حكما بين عباده فأخفاه , وحكم بغيره , كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم , وكتمانهم الرجم , وكقضائهم في
456
القول في تأويل قوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون يقول تعالى ذكره: وكتبنا على هؤلاء اليهود الذين يحكمونك
468
القول في تأويل قوله تعالى: فمن تصدق به فهو كفارة له اختلف أهل التأويل في المعني به: فمن تصدق به فهو كفارة له فقال بعضهم: عني بذلك المجروح وولي القتيل
472
القول في تأويل قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون يقول تعالى ذكره: ومن لم يحكم بما أنزل الله في التوراة من قود النفس القاتلة قصاصا بالنفس المقتولة ظلما. ولم يفقأ عين الفاقئ بعين المفقوءة ظلما قصاصا ممن أمره الله به بذلك في كتابه
482
القول في تأويل قوله تعالى: وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين يعني تعالى ذكره بقوله: وقفينا على آثارهم أتبعنا , يقول: أتبعنا عيسى ابن مريم على
482
القول في تأويل قوله تعالى: وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون اختلفت القراء في قراءة قوله: وليحكم أهل الإنجيل فقرأ قراء الحجاز والبصرة وبعض الكوفيين: وليحكم بتسكين اللام على وجه الأمر من الله لأهل الإنجيل
483
القول في تأويل قوله تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا
485
القول في تأويل قوله تعالى: فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهل الملل , بكتابه الذي أنزله إليه , وهو القرآن الذي خصه
491
القول في تأويل قوله تعالى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا يقول تعالى ذكره: لكل قوم منكم جعلنا شرعة. والشرعة: هي الشريعة بعينها , تجمع الشرعة شراعا , والشريعة شرائع , ولو جمعت الشرعة شرائع كان صوابا , لأن معناها ومعنى الشريعة واحد , فيردها عند الجمع إلى
493
القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربكم لجعل شرائعكم واحدة , ولم يجعل لكل أمة شريعة ومنهاجا غير شرائع الأمم الآخر ومنهاجهم , فكنتم تكونون أمة واحدة , لا تختلف شرائعكم ومنهاجكم.
498
القول في تأويل قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون يقول تعالى ذكره: فبادروا أيها الناس , إلى الصالحات من الأعمال والقرب إلى ربكم بإدمان العمل بما في كتابكم الذي أنزله إلى نبيكم , فإنه إنما أنزله امتحانا لكم
499
القول في تأويل قوله تعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون يعني تعالى ذكره بقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل الله:
501
القول في تأويل قوله تعالى: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون يقول تعالى ذكره: أيبغي هؤلاء اليهود الذين احتكموا إليك فلم يرضوا بحكمك , وقد حكمت فيهم بالقسط حكم الجاهلية , يعني أحكام عبدة الأوثان من أهل الشرك , وعندهم كتاب الله فيه
503
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين اختلف أهل التأويل في المعني بهذه الآية وإن كان مأمورا بذلك جميع المؤمنين , فقال بعضهم: عنى بذلك:
504
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم يعني تعالى ذكره بقوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم , يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين , فهو من أهل دينهم وملتهم , فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو
508
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يهدي القوم الظالمين يعني تعالى ذكره بذلك , أن الله لا يوفق من وضع الولاية في غير موضعها فوالى اليهود والنصارى مع عداوتهم الله ورسوله والمؤمنين على المؤمنين , وكان لهم ظهيرا ونصيرا , لأن من تولاهم فهو لله ولرسوله
510
القول في تأويل قوله تعالى: فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية , فقال بعضهم: عني بها عبد الله بن أبي ابن
510
القول في تأويل قوله تعالى: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين يعني تعالى ذكره بقوله: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فلعل الله أن يأتي بالفتح. ثم اختلفوا في تأويل الفتح في هذا الموضع , فقال بعضهم:
513
القول في تأويل قوله تعالى: ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين اختلف القراء في قراءة قوله: ويقول الذين آمنوا فقرأتها قراء أهل المدينة: " فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين يقول الذين آمنوا
515
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله
517
القول في تأويل قوله تعالى: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يعني تعالى ذكره بقوله: أذلة على المؤمنين أرقاء عليهم رحماء بهم , من قول القائل: ذل فلان لفلان: إذا خضع له واستكان. ويعني بقوله: أعزة على الكافرين أشداء عليهم غلظاء بهم , من قول القائل:
527
القول في تأويل قوله تعالى: يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يعني تعالى ذكره بقوله: يجاهدون في سبيل الله هؤلاء المؤمنين الذين وعد الله المؤمنين أن يأتيهم بهم إن ارتد منهم مرتد بدلا منهم , يجاهدون في
528
القول في تأويل قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون يعني تعالى ذكره بقوله: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ليس لكم أيها المؤمنون ناصر إلا الله ورسوله والمؤمنون , الذين صفتهم ما ذكر تعالى ذكره
529
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون وهذا إعلام من الله تعالى ذكره عباده جميعا , الذين تبرءوا من اليهود وحلفهم رضا بولاية الله ورسوله والمؤمنين , والذين تمسكوا بحلفهم , وخافوا دوائر السوء تدور عليهم ,
531
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها الذين آمنوا أي " صدقوا
533
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون يقول تعالى ذكره: وإذا أذن مؤذنكم أيها المؤمنون بالصلاة , سخر من دعوتكم إليها هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين , ولعبوا من ذلك ذلك بأنهم قوم لا يعقلون
536
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: يا أهل الكتاب , هل تكرهون منا أو تجدون
536
القول في تأويل قوله تعالى: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء الذين اتخذوا دينكم هزوا
538
القول في تأويل قوله تعالى: وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأته قراء الحجاز والشام والبصرة وبعض الكوفيين: وعبد الطاغوت بمعنى: وجعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت , بمعنى: عابد , فجعل عبد فعلا
541
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون يقول تعالى ذكره: وإذا جاءكم أيها المؤمنون هؤلاء المنافقون من اليهود , قالوا لكم: آمنا: أي صدقنا بما جاء به نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ,
546
القول في تأويل قوله تعالى: وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وترى يا محمد كثيرا من هؤلاء اليهود الذين قصصت عليك نبأهم من بني إسرائيل يسارعون في الإثم والعدوان يقول
548
القول في تأويل قوله تعالى: لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون يقول تعالى ذكره: هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان وأكل الرشا في الحكم من اليهود من بني إسرائيل ربانيوهم , وهم أئمتهم المؤمنون ,
550
القول في تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله
552
القول في تأويل قوله تعالى: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن هذا الذي أطلعناك عليه من خفي أمور هؤلاء اليهود مما لا يعلمه إلا علماؤهم وأحبارهم , احتجاجا عليهم لصحة نبوتك , وقطعا لعذر
557
القول في تأويل قوله تعالى: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة يعني تعالى ذكره بقوله: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة بين اليهود والنصارى. كما:
558
القول في تأويل قوله تعالى: كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله يقول تعالى ذكره: كلما جمع أمرهم على شيء فاستقام واستوى فأرادوا مناهضة من ناوأهم , شتته الله عليهم وأفسده , لسوء فعالهم وخبث نياتهم. كالذي:
559
القول في تأويل قوله تعالى: ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين يقول تعالى ذكره: ويعمل هؤلاء اليهود والنصارى بمعصية الله , فيكفرون بآياته ويكذبون رسله ويخالفون أمره ونهيه , وذلك سعيهم فيها بالفساد. والله لا يحب المفسدين يقول: والله لا يحب من
561
القول في تأويل قوله تعالى: ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم يقول تعالى ذكره: ولو أن أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى آمنوا بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فصدقوه واتبعوه وما أنزل عليه واتقوا ما نهاهم الله
561
القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون يعني تعالى ذكره بقوله: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ولو أنهم عملوا بما في التوراة والإنجيل
562
القول في تأويل قوله تعالى: منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون يعني تعالى ذكره بقوله: منهم أمة منهم جماعة مقتصدة يقول: " مقتصدة في القول في عيسى ابن مريم قائلة فيه الحق أنه رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه , لا غالية قائلة إنه ابن الله ,
565
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم , بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين
567
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين وهذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم بإبلاغ اليهود
572
القول في تأويل قوله تعالى: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين يعني تعالى ذكره بقوله: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وأقسم ليزيدن كثيرا من هؤلاء اليهود والنصارى الذين قص قصصهم في هذه
574
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون يقول تعالى ذكره: إن الذين صدقوا الله ورسوله , وهم أهل الإسلام والذين هادوا وهم اليهود والصابئون وقد بينا أمرهم
575
القول في تأويل قوله تعالى: لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون يقول تعالى ذكره: أقسم لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل على الإخلاص وتوحيدنا , والعمل بما أمرناهم به , والانتهاء عما
575
القول في تأويل قوله تعالى: وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون يقول تعالى: وظن هؤلاء الإسرائيليون الذين وصف تعالى ذكره صفتهم أنه أخذ ميثاقهم وأنه أرسل إليهم رسلا , وأنهم كانوا كلما جاءهم رسول
576
القول في تأويل قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن بعض ما فتن به
578
القول في تأويل قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم وهذا أيضا خبر من الله تعالى ذكره عن فريق آخر من الإسرائيليين الذين وصف صفتهم في الآيات قبل أنه لما
579
القول في تأويل قوله تعالى: أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم يقول تعالى ذكره: أفلا يرجع هذان الفريقان الكافران , القائل أحدهما: إن الله هو المسيح ابن مريم؛ والآخر القائل: إن الله ثالث ثلاثة , عما قالا من ذلك , ويتوبان بما قالا وقطعا به
581
القول في تأويل قوله تعالى: ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون وهذا خبر من الله تعالى ذكره احتجاجا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على فرق النصارى في قولهم في المسيح.
582
القول في تأويل قوله تعالى: انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد: صلى الله عليه وسلم انظر يا محمد كيف نبين لهؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى الآيات , وهي الأدلة والإعلام والحجج على بطول ما يقولون في أنبياء الله , وفي
583
القول في تأويل قوله تعالى: قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم وهذا أيضا احتجاج من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم على النصارى القائلين في المسيح ما وصف من قيلهم فيه قبل. يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله
583
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل وهذا خطاب من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء الغالية من
584
القول في تأويل قوله تعالى: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء النصارى الذين وصف تعالى ذكره صفتهم: لا تغلوا فتقولوا في المسيح غير الحق , ولا
586
القول في تأويل قوله تعالى: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون يقول تعالى ذكره: كان هؤلاء اليهود الذين لعنهم الله لا يتناهون يقول: " لا ينتهون عن منكر فعلوه , ولا ينهى بعضهم بعضا. ويعني بالمنكر: المعاصي التي كانوا يعصون الله بها.
591
القول في تأويل قوله تعالى: ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون يقول تعالى ذكره: ترى يا محمد كثيرا من بني إسرائيل يتولون الذين كفروا , يقول: يتولون المشركين من عبدة الأوثان , يعادون أولياء
592
القول في تأويل قوله تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون يقول تعالى ذكره: ولو كان هؤلاء الذين يتولون الذين كفروا من بني إسرائيل يؤمنون بالله والنبي يقول: " يصدقون بالله ويقرون به ويوحدونه ويصدقون
593
القول في تأويل قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لتجدن يا محمد أشد الناس
593
وأما قوله تعالى: ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا، فإنه يقول: قربت مودة هؤلاء الذين وصف الله صفتهم للمؤمنين من أجل أن منهم قسيسين ورهبانا. والقسيسون: جمع قسيس، وقد يجمع القسيس: " قسوس "، لأن القس والقسيس بمعنى واحد. وكان ابن زيد يقول في القسيس بما:
597
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين. يقول تعالى ذكره: وإذا سمع هؤلاء الذين قالوا إنا نصارى الذين وصفت لك يا محمد صفتهم أنك تجدهم أقرب الناس مودة للذين
600
وقوله: مما عرفوا من الحق يقول: فيض دموعهم لمعرفتهم بأن الذي يتلى عليهم من كتاب الله الذي أنزله إلى رسول الله حق:
601
وأما قوله: فاكتبنا مع الشاهدين، فإنه روي عن ابن عباس وغيره في تأويله ما
603
القول في تأويل قوله تعالى: وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من كتابه،
604
القول في تأويل قوله تعالى: فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين يقول تعالى ذكره: فجزاهم الله بقولهم: ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق، ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم
605
القول في تأويل قوله تعالى: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم يقول تعالى ذكره: وأما الذين جحدوا توحيد الله، وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكذبوا بآيات كتابه، فإن أولئك أصحاب الجحيم، يقول: هم سكانها واللابثون فيها. والجحيم: ما
606
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه حق من عند الله، لا تحرموا طيبات ما
606
القول في تأويل قوله تعالى: وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون يقول تعالى ذكره لهؤلاء المؤمنين الذين نهاهم أن يحرموا طيبات ما أحل الله لهم: كلوا أيها المؤمنون من رزق الله الذي رزقكم وأحله لكم حلالا طيبا:
615
وأما قوله: واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون فإنه يقول: وخافوا أيها المؤمنون أن تعتدوا في حدوده، فتحلوا ما حرم عليكم، وتحرموا ما أحل لكم، واحذروه في ذلك أن تخالفوه فينزل بكم سخطه، أو تستوجبوا به عقوبته. الذي أنتم به مؤمنون يقول: الذي أنتم بوحدانيته
616
القول في تأويل قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله
616
وأما قوله: بما عقدتم الأيمان فإن:
617
القول في تأويل قوله تعالى. فكفارته إطعام عشرة مساكين اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله: فكفارته على ما هي عائدة، ومن ذكر ما؟ فقال بعضهم: هي عائدة على " ما " التي في قوله: بما عقدتم الأيمان
618
القول في تأويل قوله تعالى: من أوسط ما تطعمون أهليكم يعني تعالى ذكره بقوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم أعدله
623
القول في تأويل قوله تعالى: أو كسوتهم يعني تعالى ذكره بذلك: فكفارة ما عقدتم من الأيمان إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم. يقول إما أن تطعموهم أو تكسوهم، والخيار في ذلك إلى المكفر. واختلف أهل التأويل في الكسوة التي عنى الله بقوله: أو كسوتهم، فقال بعضهم:
638
القول في تأويل قوله تعالى: أو تحرير رقبة يعني تعالى ذكره بذلك: أو فك عبد من أسر العبودة وذلها. وأصل التحرير: الفك من الأسر، ومنه قول الفرزدق بن غالب: أبني غدانة إنني حررتكم فوهبتكم لعطية بن جعال يعني بقوله: حررتكم: فككت رقابكم من ذل الهجاء ولزوم
645
القول في تأويل قوله تعالى: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام يقول تعالى ذكره: فمن لم يجد لكفارة يمينه التي لزمه تكفيرها من الطعام والكسوة والرقاب ما يكفرها به على ما فرضنا عليه وأوجبناه في كتابنا وعلى لسان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فصيام ثلاثة أيام يقول
649
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك هذا الذي ذكرت لكم أنه كفارة أيمانكم من إطعام العشرة المساكين أو كسوتهم أو تحرير الرقبة، وصيام الثلاثة الأيام إذا لم
654
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون وهذا بيان من الله تعالى ذكره للذين حرموا على أنفسهم النساء والنوم واللحم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تشبها منهم بالقسيسين
655
القول في تأويل قوله تعالى: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون يقول تعالى ذكره: إنما يريد لكم الشيطان شرب الخمر والمياسرة بالقداح، ويحسن ذلك لكم إرادة منه أن يوقع بينكم
656
القول في تأويل قوله تعالى: وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين يقول تعالى ذكره: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول في اجتنابكم ذلك واتباعكم
663
القول في تأويل قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين يقول تعالى ذكره للقوم الذين قالوا إذ أنزل الله تحريم الخمر بقوله: إنما الخمر والميسر
664
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ليبلونكم الله بشيء من الصيد يقول: ليختبرنكم
670
القول في تأويل قوله تعالى: ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يعني تعالى ذكره: ليختبرنكم الله أيها المؤمنون ببعض الصيد في حال إحرامكم، كي يعلم أهل طاعة الله والإيمان به والمنتهون إلى حدوده وأمره ونهيه، من الذي يخاف الله فيتقي
672
وأما قوله: فمن اعتدى بعد ذلك فإنه يعني: فمن تجاوز حد الله الذي حده له بعد ابتلائه بتحريم الصيد عليه وهو حرام، فاستحل ما حرم الله عليه منه بأخذه وقتله فله عذاب من الله أليم يعني: مؤلم موجع.
673
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه
673
وأما قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم فإنه يقول: وعليه كفارة وبدل، يعني بذلك: جزاء الصيد المقتول، يقول تعالى ذكره: فعلى قاتل الصيد جزاء الصيد المقتول مثل ما قتل من النعم. وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: (فجزاؤه مثل ما قتل من النعم) وقد اختلفت
679
القول في تأويل قوله تعالى: يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة يقول تعالى ذكره: يحكم بذلك الجزاء الذي هو مثل المقتول من الصيد من النعم عدلان منكم، يعني: فقيهان عالمان من أهل الدين والفضل هديا يقول: يقضي بالجزاء ذوا عدل أن يهدي فيبلغ الكعبة.
689
القول في تأويل قوله تعالى: أو كفارة طعام مساكين يقول تعالى ذكره: أو عليه كفارة طعام مساكين. والكفارة معطوفة على الجزاء في قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم. واختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة: (أو كفارة طعام مساكين) بالإضافة
696
القول في تأويل قوله تعالى: أو عدل ذلك صياما يعني تعالى ذكره بذلك: أو على قاتل الصيد محرما عدل الصيد المقتول من الصيام، وذلك أن يقوم الصيد حيا غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كل مد يوما، وذكر أن النبي صلى الله
708
القول في تأويل قوله تعالى: ليذوق وبال أمره يقول جل ثناؤه: أوجبت على قاتل الصيد محرما ما أوجبت من الحق أو الكفارة الذي ذكرت في هذه الآية، كي يذوق وبال أمره وعذابه، يعني ب أمره: ذنبه وفعله الذي فعله من قتله ما نهاه الله عز وجل عن قتله في حال إحرامه،
712
القول في تأويل قوله تعالى: عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه يقول جل ثناؤه لعباده المؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم: عفا الله أيها المؤمنون عما سلف منكم في جاهليتكم من إصابتكم الصيد وأنتم حرم وقتلكموه، فلا يؤاخذكم بما كان منكم في ذلك قبل
712
القول في تأويل قوله تعالى: والله عزيز ذو انتقام يقول عز وجل: والله منيع في سلطانه، لا يقهره قاهر، ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه، ولا من عقوبة من أراد عقوبته مانع، لأن الخلق خلقه، والأمر أمره، له العزة والمنعة. وأما قوله: ذو انتقام فإنه
722
القول في تأويل قوله تعالى: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون. يقول تعالى ذكره: أحل لكم أيها المؤمنون صيد البحر، وهو ما صيد طريا
722
القول في تأويل قوله تعالى: متاعا لكم وللسيارة يعني تعالى ذكره بقوله: متاعا لكم منفعة لمن كان منكم مقيما أو حاضرا في بلده يستمتع بأكله وينتفع به وللسيارة يقول: ومنفعة أيضا ومتعة للسائرين من أرض إلى أرض، ومسافرين يتزودونه في سفرهم مليحا. والسيارة:
735
القول في تأويل قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما يعني تعالى ذكره: وحرم عليكم أيها المؤمنون صيد البر ما دمتم حرما، يقول: ما كنتم محرمين لم تحلوا من إحرامكم. ثم اختلف أهل العلم في المعنى الذي عنى الله تعالى ذكره بقوله: وحرم عليكم صيد البر
737
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله الذي إليه تحشرون وهذا تقدم من الله تعالى ذكره إلى خلقه بالحذر من عقابه على معاصيه، يقول تعالى: واخشوا الله أيها الناس، واحذروه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه، وفيما نهاكم عنه في هذه الآيات التي أنزلها على نبيكم
750
نام کتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
نویسنده :
الطبري، أبو جعفر
جلد :
8
صفحه :
751
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
کتابخانه
مدرسه فقاهت
کتابخانهای رایگان برای مستند کردن مقالهها است
www.eShia.ir