ما قبلها، لكن هنا قامت القرينة الشرعية- وهي مشروعية الصلاة في الليل- على أن ما بعد إلى داخل في حكم ما قبلها، فهو محل أيضاً لإقامة الصلاة فيه، وقرآن الفجر منصوب عطفاً على الصلاة، وخصصت بالذكر، لأنها لم تكن عند ميل الشمس، ولا عند الغسق، بل تكون عند الوقت الذي أضيفت إليه وهو الفجر. وجملة {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} تذييل لتأكيد إقامته صلاة الفجر.
المعنى:
أقم يا محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- وأمره أمر لأمته لأنَّهم مأمورون بالإقتداء به- الصلاة لأجل ميل الشمس، فأَدِّ الظهر والعصر، وفي غسق الليل، فأَدِّ المغرب والعشاء، وأقم صلاة الفجر إنها صلاة مشهودة.
بيان وتوجيه:
هذه الآية قد انتظمت أوقات الصلوات الخمس، ووجه ذلك بوجوه: الأول: أن الظهر تكون أول الميل، والعصر تكون وسطه، وأن المغرب تكون عند أول الغسق، والعشاء تكون عند شدته بمغيب الشفق، والصبح عند الفجر. الثاني: أن الظهر عند أول الميل، والعصر عند وسطه، والمغرب عند نهايته، والعشاء عند الغسق، أي اشتداد الظلمة بمغيب الشفق. والفرق بين الأول والثاني أن الأول اعتبر المغرب عند بداية الظلمة، والثاني اعتبرها عند تمام الميل، وهما في الواقع متلازمان، فإنه إذا تم الميل ابتدأت الظلمة. الثالث: ولم أره لأحد واللفظ يحتمله- أن ميل الشمس يبتدىء بالزوال، وينتهي فيما يرى لنا بالبصر بمغيب الشفق، غير أن ميلها في الزوال والغروب مشاهد بمشاهدة ذاتها، وميلها بعد الغروب