نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 430
ثم إن تكافؤ فرص العمل بين الرجال والنساء، على حد سواء، مما يزيد في نسبة البطالة، والرجل مكلف، في شريعة الإسلام، بالإنفاق على المرأة، مهما بلغ عسره و يسرها، فإذا ألزمناها بالمشاركة في النفقة خالفنا الشرع، وإن ألزمناه وحده بها، مع وجود تلك" المنافسة " على الوظائف، التي تزيد " شحا " و ندرة يوما بعد يوم، ظلمناه و كلفناه فوق طاقته. *وهؤلاء "التغريبيون"، الذين ينعقون
بما لا يفهمون، لا يدركون أن تطبيق التجربة الغربية، و النمط "الليبرالي" في المجتمعات الإسلامية، لا يستقيم إلا بالانسلاخ الكلي من الشريعة، لأن أحكام الشرع مترابطة متسقة، لا يستقيم فصلها عن بعضها، وإلا نتج عن ذلك اضطراب و تناقض في الأحكام، وظلم وهضم لحقوق الأنام.
**********
" كمال الشريعة "
إن قوانين الحياة والمعيشة في المجتمعات الغربية الحديثة، تقوم على أسس و مبادئ متسقة، بحسب التجربة البشرية الوضعية " القاصرة"، التي رأى واضعها ملاءمتها للحياة هناك، فلا يستقيم _ عقلا _ أن تبتر موادها، أو تستبدل بغيرها من القوانين البشرية الأخرى، (بصرف النظر عن الحكم الشرعي في تطبيق القوانين البشرية).
فلا يصلح للمجتمع الأمريكي _ مثلا _ أن يحتكم إلى بعض القوانين الصينية ولا العكس، لأنه سيتعارض _ حتما _ مع بقية القوانين الأخرى التي تخص كل مجتمع، والتي تنتظم كلها في صياغة هويته التي تميزه عن سائر المجتمعات.
فلا بد إذا من تطبيق القوانين بجملتها دون تبديل أو ترقيع.
* و شريعة رب العباد، بالأحرى، لا يصلح أن تبدل، ولا أن ترقع بغيرها، فإنها كاملة في عدلها، وصلاحها لكل زمان ومكان، ويلزم أن تؤخذ جملة، لا أن يؤمن ببعضها و يكفر ببعضها الآخر.
* و لما حرم الله الفاحشة، سد كل أبوابها و ذرائعها، المفضية إليها:
1 _ فأمر بالمباعدة بين الرجال والنساء حتى في أطهر البقاع، أثناء أداء الفرائض.
2 _ و أمر الرجال والنساء بغض البصر.
3 _ وخص النساء بالحجاب والقرار في البيوت، إلا للحاجة، لأن الغرض في التباعد بين الرجال والنساء، يحصل بحجب أحدهما، وإبعاده عن الآخر، ولأن عمارة الأرض ونظام الحياة لا يستقيم لو أمر الطرف الآخر أيضا، بالحجاب والقرار.
*وفي المقابل، فإنه قد فرضت جملة من الواجبات و الحقوق، على من سمح له بالخروج و البروز.
ففرض على الرجل الجهاد، والرباط في الثغور، و حضور الجماعات، و السعي لطلب الرزق، و الإنفاق على سكان البيوت، وذوات الخدور.
ورغب في الإنفاق على أهله، حتى صار مقدما على الإنفاق في سبيل الله، وفي سائر وجوه البر والطاعة.
* ففي الحديث " دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي تنفقه على أهلك ".
رواه مسلم [995].
*وقد كانت المجتمعات الجاهلية على مر العصور، تستثقل الإنفاق على البنات، و تتشاءم من ولادتهن.
فجاءت الشريعة العادلة الكاملة، و رغبت في إعالتهن، وتربيتهن، والصبر عليهن، أعظم ترغيب.
*قال صلى الله عليه وسلم"من ابتلي من هذه البنات بشيئ، فأحسن إليهن كن له سترا من النار ". متفق عليه.
انظر جامع الأصول [1/ 411].
* وقال "من عال جاريتين حتى تبلغا،
دخلت أنا وهو الجنة، كهاتين " وأشار بأصبعيه. رواه مسلم [2631] والترمذي [1917]، واللفظ له.
وقال " من كان له ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو بنتان، أو أختان، فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن، فله الجنة ". رواه أبوداود [5147] والترمذي [1913].
قلت: فانقلب التشاؤم والنفور، من إعالة البنات والأخوات، إلى تفاؤل، واستبشار، و سرور.
ولم يزل يوصي بهن في كل حال، أمهات و بنات و زوجات وأخوات، حتى جعل صحبة الأم وبرها، مقدما على صحبة الأب و بره.
ومن هنا يتبين ضلال من يدعو إلى تطبيق النظام الغربي الجاهلي (كله) (أو بعضه)، في بلاد الإسلام، فإن المرأة، في القانون الغربي، ملزمة بالإنفاق على نفسها، كالرجل على حد سواء، ولا يوجد قانون يفرض على الرجل الإنفاق عليها، بخلاف المرأة في التشريع الإسلامي، فإن على أوليائها فرض النفقة عليها، فإن فقدوا، أو عجزوا، فرض لها من بيت المال ما يسد حاجتها.
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 430