responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 1  صفحه : 77
- أنا سبب كل هذا!. أنا الذي يجب أن يعذب!. أنا الذي يجب أن يموت!
وماتت هنية في اليوم التالي ودفناها في قرافة القرية باحتفال بسيط. أما حالتي يوم وفاتها فقد اعتراني خبل غريب، فلم أصدق أنها ماتت. وكنت أؤدي عملي الذي كلفت به في مأتمها ببساطة وهدوء، بل كان يعتريني بعض الأحيان نوبات ضحك يعقبها خمول ووجوم. ولكن بعد أيام بدأت أشعر برد فعل شديد، فأخذت أهيم في الغيطان؛ وأختبئ في الذرة، وأنا ابكي وأندب بلا انقطاع. وأخيرا هدأت حالتي نوعا فعدت إلى عملي في الجامع. ولكن مرآي ذلك الجامع كان يزيد شجوني وعذابي. فتتمثل أمامي جريمتي كلما وطئت عتبته ويخيل لي أني أسمع صوت سقوط جسم من أعلى السطح إلى الأرض. فتعتريني قشعريرة واخبىء وجهي في يدي وأجهش بالبكاء.
لقد عملت المستحيل لكي أضلل أخي؛ وأبعد شكه من ناحيتي وتحملت أكبر العذاب في سبيل إخفاء جرمي. ولم اكن أجسر على النظر إليه. وكان يخيل إلي أنه يرفع يده في وجهي يريد سحقي.
ومضت الأيام وسري ينمو ويتضخم في قلبي فأشعر بثقله الهائل. ويخيل ألي في كل وقت إن قلبي يتمزق وان السر يطير منه ويعلن إلى الملأ فضيحتي. وكانت أيام عذاب لا أظن عذاب الجحيم يفوقها.
وفي ليلة عقب صلاة المغرب خرجت لأروح عن نفسي قليلا فقادتني قدماي، بدون شعور، إلى المكان الذي سقطت فيه هنية بجوار حائط الجامع. وبغتة قابلت أخي وجها لوجه ولا أدري ما لذي أرسله إليّ في هذه الساعة وفي هذا المكان. أهي المصادفة أم شيء آخر. لا ادري!. ووقفنا أمام بعضنا بالقرب من ذلك الجدار الرهيب. وشملنا الصمت برهة. وبغتة وجدت نفسي أصرخ وأقول:
- لا تقربني!. لا تقربني!.
وأندفعت أجري كالمجنون أهيم على وجهي. وكان هذا آخر عهدي بأخي وبتلك الديار!. وأخذت منذ ذلك الوقت أطوف المدن، وأعيش عيشة الطريد الشريد.
ثم أطرق الشيخ عفا الله صامتا. وشاهدت دمعة تتحدر في بطأ على خده. فقلت وأنا شديد التأثر بما سمعت.

نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست