نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 956
وأما إذا كان إطعام؛ فـ-أيضًا- يَجوزُ أن يَجمعَ -مثلًا- إذا كان عَليهِ صِيام شهرٍ نذرًا؛ فيجمعُ ثلاثين إنسانًا ثم يطعِمُهم ولو في طعامٍ واحِدٍ.
هُنالِك ما يتعلَّق بلَيلة القَدْر:
لَيلة القَدْر؛ كما قَالَ اللهُ -تَعالَى-: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، وسورة القَدْر سورة كاملة لو أردنا أن نَتناوَلها بالتَّفسيرِ والبَيان؛ لكان لنا شأنٌ آخَر؛ لكن الوقت لا يتَّسعُ لذلِك.
لَيلة القَدْر هي اللَّيلة المبارَكة الَّتِي وَرَدَ ذِكرُها في سورة الدُّخان في قَولِهِ -تَبارَك وتَعالَى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ - فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ - أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ - رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدُّخان: 3 - 6] هذه اللَّيلة المبارَكة ليلةٌ مِن إحدى ليالي العَشْر الأوَاخِر؛ بل مَفاريد وأوتارِ العَشْر الأوَاخِر من شهر رَمضان المبارَك.
وأرجحُ الأقوال في هذه المسألة -وقد اختلف فيها أهلُ العِلم: هل هي ليلة السَّابع والعِشرين، هل هي ليلة التَّاسع والعشرين، الثَّالث والعشرين، الحادي والعِشرين، الخامس والعشرين، أقوال متعددة لأهل العِلم-؛ لكن الأرجحَ -في ذلك-: أنها ليلةٌ مُتنقِّلةٌ في هذه الأيَّام الأوتارِ والأفراد مِن العَشرِ الأوَاخِر.
ولو كانت معروفةً مُحدَّدةً؛ لما كان -هُنالِك- اهتِمام في العشر الأوَاخِر -كلِّها-؛ وإنما اهتمَّ الإنسَانُ في هذه اللَّيلة، وقد كان ذلِك -أعني: الجزمَ بلَيلةِ القَدْر، أو أنها ليلة محدَّدة- كان مذكورًا، ثم نُسِخَ، وكان مَعلومًا للنَّبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- ثم رُفع عنهُ.
فعَن عُبادةَ بن الصَّامت -رضيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: (خرج رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- بلَيلةِ القَدْر)؛ يعني: ليُخبرَ النَّاس عن لَيلة القَدْر أي ليلةٍ هي، (فتلاحى رَجلانِ)؛ تخاصما، (فتلاحى رَجلانِ من المُسلِمين)، قَالَ: (فقَالَ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «إنِّي خرجتُ لأخبركُم بِلَيلةِ القَدْر، فتلاحى فُلان وفُلان؛ فرُفعتْ»)؛ أي: رُفع تحديدُها، ورُفع عِلمُها عن رسولِ الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، قَالَ: «وَعَسى أن يكونَ خيرًا لكم؛ فَالْتَمِسُوها في التَّاسعة والسَّابعةِ والخامِسة»، وفي رواية: «في السَّبع والتِّسع والخَمسِ»؛ كل ذلِك إشارة إلى أنَّها قد تتنقَّل، وليست هي في ليلةٍ واحدة.
كيف يتحرى المُسلِم لَيلة القَدْر؟
يقول النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «مَن قام لَيلة القَدْر إيمانًا واحتِسابًا؛ غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبِه».
«مَن قام لَيلة القَدْر إيمانًا» بها، «واحتِسابًا» لأجرها عند ربِّه -تباركَ وتَعالَى-؛ فهذا لا شكَّ الذي قامها بالصَّلاة، والذي قامَها بالذِّكر، والذي قامها في طلبِ العِلم، والذي قامها بالتَّفكُّر والاستغفارِ والصَّلاة على النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- وغير ذلِك من الأعمال الصَّالحة؛ كلُّ ذلِك يشملُه معنى القِيام؛ فهذا -لا شكَّ، ولا رَيْب- له أجره الذي أخبرنا عنهُ رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-.
وكذلِك الدُّعَاء، وهذا فيه خصوصيَّة: فقد ورد عن السَّيِّدة عائِشَة -رضيَ اللهُ-تعالى-عنهَا- قَالَت: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ! أرأيتَ إنْ علمتُ أي ليلة لَيلة القَدْر؛ ما أقولُ فيها؟ فقَالَ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «قولي: اللَّهمَّ! إنكَ عَفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عني») رواه التِّرمذِي. إذًا: المُسلِم يسأل ربَّه -عزَّ وجلَّ- العافيَةَ؛ فهذا الدُّعَاء مِن الجوامع فيه فضلٌ دُنيويٌّ، وفضل أُخرويٌّ.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 956